إِلَى الْغَادَةِ الزَّهْرَاءِ مِنْ آلِ فَاضِلٍ - خليل مطران

إِلَى الْغَادَةِ الزَّهْرَاءِ مِنْ آلِ فَاضِلٍ
إِلَى الْكَوْكَبِ الوَضَّاحِ مِنْ آلِ مَسْعَد

تَحِيَّاتِ دَاعٍ لِلْعَرُوسَيْنِ مُخْلِصاً
بَأَنْ يَبْلُغَا أَوْجِيْ صَفَاءٍ وَسُؤْدَدِ

وَأَنْ يُعْمَرا عُمْراً طَوِيلاً وَيَلْبَثَا
بِنُعْماءِ تُفْضِي كُلَّ يَوْمٍ إِلى غَدِ

وَأَنْ يَمْكُثَا فِي أُلْفَةٍ وَمَحَبَّةٍ
يَظَلُّ غَيُوراً مِنْهُمَا كُلُّ فَرْقَدِ

أَمِينَيْنِ فِي جَاهِ الأَمِينِ وَظِلِّهِ
نِكَايَاتِ أَعْدَاءٍ وَأَعْيُنِ حُسَّدِ

أَمِينٌ بَنَى لِلْمَجْدِ بَيْتاً مُشَيَّداً
عَلَى الْجَدِّ أَعْظَم بِالْبِنَاءِ المُشَيَّدِ

حَذَا حَذْوَهُ مِيشِيلُ بَلْ زَادَ هِمَّةً
وَمَنْ لأَبِيهِ بِالشَّبَابِ المُجَدِّدِ

فَتىً قَبَلٌ سَمحُ الْمُحَيَّا كَأَنَّهُ
كَمِيتُ الحِمِيُا طَاهِرُ القَلْبِ وَاليَدِ

عَلَى النَّفْعِ مِقْدَامٌ عَنِ الضَرِّ مُحْجَمٌ
إِذَا مَا اسْتَبَانَ الرَّأْيَ لَمْ يَتَرَدَّدِ

وَلَوْ شِئْتُ تعْدَاداً لأَوْصَافِ آلِهِ
لأَطْرَبْتُكُمْ بِالْحَقَّ لاَ بِالتَوَدُّدِ

هُمُ الأَهْلُ وَالأَحْبَابُ وَالجِيرَةُ الأُولى
لِذِكْرَاهُمُ فِي الْقَلْبِ أَشْهَى تَرَدُّدِ

رَأَيْنَا كَمَالَ الأُمِّ وَالبَيْتَ عِنْدَهُمْ
وَحِكْمَةَ فِتْيَانٍ وَعِفَّةَ خَرَّدِ

وَأَيّاً تُعَاشِرْ شَاهِداً كَنْهَ أَمْرِهِ
تَجِدْ مَحْضَهُ لَيْسَ الْمَغِيبُ كَمَشْهَد

كَفَى الْوُدَّ عِنْدِي أَنَّهُمْ نَبْتُ زَحْلَةٍ
وَزَحْلَةُ لِي دَارٌ وَجَارَةُ مَوْلِدِ

قَضَيْتُ بِهَا عَهْداً فَمَا زِلْتُ رَاجِعاً
إِلَيْهِ بِقَلْبٍ شَيِّقٍ مُتَعَهِّدِ

إِلَّي حَبِيبٌ قُوْمُها وَهَوَاؤُهَا
وَمَا ثَمَّ مِنْ حَيٍّ وَمَاءٍ وجَلْمَد

تُنَاظِرُ طُوْدَيْهَا بِمِرْآةِ نَهْرِهَا
وَبَهْجَةَ مَا فِي لَيْلِهَا مِنْ تَوَقُّدِ

بِوَحْيِ هَوَاهَا رَاعَ شِعْرِي إِجَادَةً
فَأَنْشَدَهُ فِي قَوْمِهِ كُل مُنْشِدِ

فَإِنِّي لِمَا أَدْرِي وذَاكَ مَكَانَهُ
أَأَخْلَدْتُهُ فِي النَّاسِ أَمْ هُوَ مُخْلِدِي

أُهَنِّيءُ مِيشِيلَ الْعَزِيزَ وَآلَهُ
أُهَنِّيءُ أَزْكَى غَادَةٍ طِيبِ مُحْتَدِ

مِنَ الْعُنْصُرِ الأَنْقَى مِنَ الْمَعْدَنِ الَّذِي
فَرَائِدَهُ مَخْلُوقَةٌ لِلْتَفَرُّدِ

عَرُوسٌ بِهَا الْحُسْنَانِ خُلْقاً وَخِلْقَةً
يَقُولاَنِ سُبْحَانَ الْمَلِيكِ المُوَحَّدِ

أَلاَ فَاغْنَمَا صَفْوَ الْحَيَاةِ وَسَعْدَهَا
وَجِيئا بِنَسْلٍ صَالِحٍ مُتَعَدَّدِ

وَفَاءً كَهَذَا العَهْدِ فَلْيَكُنِ الْعَهْدُ
وَعَدْلاً كَهَذَا العِقْدِ فَلْيَكُنِ العِقْدُ

قَرَانُكُمَا مَا شَاءَهُ لَكُمَا الْهَوَى
وَبَيْتُكُمَا مَا شَادَهُ لَكُمَا السَّعْدُ

فَقُرَّا وَطِيبا فَالْمُنَى مَا رَضَيْتُمَا
وَدَهْرُكُمَا صَفْوٌ وَعَيْشُكُمَا رَغْدُ

وَمَا جَمَعَ اللهُ النَّظِيرَيْنِ مَرَّةً
كَجَمْعِكُمَا وَالنَّدُّ أَوْلَى بِهِ النَّدُّ

تَضَاهَيْتُمَا قَدْراً وَحُسْناً وَشِيْمَةً
كَمَا يَتَضَاهَى فِي تَقَابُلِهِ الْوَرْدُ

أَعَزُّ أَعِزَّاءِ الحِمَى أَبَواكُمَا
وَأَسْطَعُ جَدٍّ فِي العُلَى لَكُمَا جَد

كَفَى بِحَبِيبٍ فِي أَسَاطِينِ عَصْرِهِ
هُمَاماً عَلَى الأَقْرَانِ قَدَّمَهُ الجَدُّ

إِذَا مَا بَدَا دَلَّتْ جَلالَةُ شَخْصِهِ
عَلَى أَنَّهُ فِي قَوْمِهِ الْعَلَمُ الْفَرْدُ

قَضَى فِي جِهَادِ الدَّهْرِ أَطْوَلَ حُقْبَةٍ
فَمَا خَانَهُ فِيهَا الذَّكَاءُ ولاَ الجِهْدُ

وَمَا زَادَهُ زِيَغُ السِّنِينِ بِلَحْظَهِ
سِوَى نَظَرٍ فِي حَالِكِ الأَمْرِ يَسْتَدُّ

لَهُ الْبَيْتُ غَايَاتُ الْمَعَالِي حُدُودُهُ
وَلَكِنْ بِلُطْفِ اللهِ لَيْسَ لَهُ حَدُّ

مَشِيدٌ عَلَى التَّقْوَى مَنِيعٌ عَلَى العِدَى
قَرِيبٌ إِلى العافِينَ عَذْبٌ بِهِ الوَرْدُه

مَتِينٌ عَلَى الأَرْكَانِ وَهْيَ ثَلاَثَةٌ
بِأَمْثَالِهَا تَحْيِي أَبُوَّتَهَا الْوُلْدُ

ذَكَرْتُ شَبَاباً لَوْ سَرَدْتَ صِفَاتِهِمْ
وَآيَاتِهِمْ فِي الْفَضْلِ لَمْ يَحْصِهَا السَّرْدُ

أُولَئِكَ هُمْ يَوْمَ الفِخَارِ شُهُودُنَا
عَلَى أَنَّنَا أَكِفَّاءُ مَا يَبْتَغِي الْمَجْدُ

وَإِنَّا إِذَا اسْتَكْفَتْ بِلاَدٌ حِمَاتِهَا فَفِينا
الْحَكِيمْ الضَّرْبُ وَالأَسَدُ الوَرْدُ

وَمَنْ لَكَ فِي الْفِتْيَانِ بِالْفَاضِلِ الَّذِي لَ
هُ نُبْلُ مِيخَائِيل وَالْحُلْمُ وَالرِّفْدُ

يُؤَلِّفُ أَشْتَاتَ الْمَحَامِدِ جَاهِداً
بِإِخْفَاءِ بَادِيهَا فَيَظْهَرُهُ الْحَمْدُ

كَبِيرُ الْمُنَى جَمُّ الفَضَائِلِ جَامِعٌ
إِلى الأَدَبِ السِّلسَالِ طَبْعاً هَوَ الشَّهْدُ

يُصَغِّرُ لِلْعَافِي مِنَ النَّاسِ نَفْسَهُ
وَيُكْبِرَهَا عَنْ أَنْ يَلِمَّ بِهَا الْحِقْدُ

وَمَنْ كَحَبِيبٍ عَادِلِ الْخُلْقِ صَادِقٍ
لَهُ فِعْلُ مَا يُرْجَى وَلَيْسَ لَهُ وَعْدُ

أَخُو تَرَفٍ قَدْ تَعْرِفُ الخَيلُ بَأْسَهُ
وَيَحْفَظُ مِن آرَاءِهِ الطَّودُ وَالوَهدُ

وَمَنْ مِثْلُ جُرْجُ طَاهِرُ النَّفْسِ وَالْهَوَ
ىَ وَمَنْ مِثْلُهُ حُرٌّ وَمَنْ مِثْلُهُ نَجْدُ

وَثَوْبٌ إِلَى كَشْفِ الظَّلاَمَاتِ سَاكِنٌ
إِلَى بَأْسِهِ فِي حِينَ لاَ تَأْمَنُ الأُسْدُ

تَخَيَّرَ فِي الأَنْسَابِ أَصْدَقَهَا عُلىً
وَأَبْعَدَهَا مَرْمىً فَتَمَّ لَهُ الْقَصْدُ

وَأَي نَسيبٍ بَلِغٍ بِمُقَامِهِ
مُقَامَ نَجِيبٍ في الْكِرَامِ إِذَا عُدوْ

إِذَا فَاقَ سَادَاتِ الحِمَى آلَ سُرْسُقٍ
فَإِنَّ نَجِيباً فِيهِمُ السَّيِّدُ الْجَعْدُ

سَرِيٌّ يَرَى الإِقْدَامَ في كُلِّ خِطَّةٍ
وَخِطَّتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ هِيَ الْقَصْدُ

تَرَاهُ بِلاَ ظِلٍّ نُحُولاً وَجَاهُه
عَرِيضٌ لَهُ ظلٌّ عَلَى الشَّرْق مُمْتدُ

مُحبُّوهُ في نُعْمَى وَقِرَّةِ أَعْيُنٍ
وَحُسَادُهُ مما بِانفُسِهِمْ رَمْدُ

وَمَا النَّاسُ إِلاَّ عَاثرٌ جَنْبَ نَاهضٍ
وَمَا الأَرْضُ إِلاَّ الغَوْرُ جَاوَرَهُ النَّجْدُ

أَلاَ أَيُّهَا الشَّهْمُ النَّبيلُ الَّذِي لَهُ
عَلَى صغَرٍ في سنِّهِ الْمَنْصِبُ النَّهدُ

لَوْ إِنَّكَ لَمْ تَمْنَعْ لَوَافَى مُهَنِّئاً
بعُرْسكَ وَفْدٌ حَافلٌ تَلْوُهُ وَفْدُ

فَإِنَّ مَكَاناً في الْقُلُوب حَلَلتُهُ
لَيَزْهَى عَلَى مُلْكِ تُؤَيِّدُهُ جُنْدُ

فَدَاكَ أُنَاسُ قَلَّ في الْخَيْرِ شَأْنُهُمْ
فَلاَ قُرْبُهُمْ قُرْبُ وَلاَ بُعْدُهُمْ بُعْدُ

يَرُومُونَ أَنْ يُثْنَى عَلَيْهمْ بوَفْرهمْ
وَأَفْضَلُهُ عَنْهُمْ إِلَى الْبرِّ لاَ يَعْدُو

إِذَا رَخُصَ الْغَالي منَ السِّلْعَةِ اشْتَرَوا
وَلاَ يَشْتَرُونَ الْحُرَّ إِنْ رَخُصَ الْعَبْد

أَعذْتُ برَبِّ الْعَرْش منْ عَيْن حَاسدِ
طَلاَقَةَ ذَاكَ النُّور فِي الْوَجْهِ إِذْ تَبْدُو

وَرقَّةَ ذَاكَ اللَّفْظ فِي كُلِّ مَوْقِفِ
يُصَانُ بهِ عِرْضٌ وَيَقْنَى بهِ وُدُّ

وَبَسْطَةَ كَفٍّ منْكَ في مَوْضِعِ النَّدَى
يُعَادُ بهَا غَمْضٌ وَيُنْفَي بهَاء سَهْدُ

شَكَا الدَّهْرُ مَا تَأَسُو جِرَاحُ كِرَامِهِ
وَأَنْكَرَ مِنْكَ الرِّفْقُ جَانبَهُ الصَّلْدُ

وَلَكنَّ هَذَا البرَّ طَبْعٌ مُغَلَبٌ
عَلَيْكَ وَهَلْ يَهْدِي سِوَى طيبِهِ النَّدُ

فمَهْمَا تَصِبْ خَيْراً فَقَدْ جَدَرَتْ بهِ
فَضَائلٌ لَمْ يَضْمَمْ عَلَى مثْلِهَا بُرْدُ

حَظَيْت بملءِ الْعَيْن حُسْناً وَرَوْعَةً
عَرُوسٌ كَبَعْض الْحَور جَادَ بهَا الْخُلْدُ

يَوَدُّ بَهَاءُ الصُّبْح لَوْ أَنَّهُ لَهَا
مُحَيّاً وَغُرُّ الزَّهْر لَوْ أَنَّهَا عقْدُ

فَإِنْ خَطَرَتْ فِي الرّائعَات منَ الْحُلَى
تَمَنَّتْ حُلاَهَا الرَّوْضُ وَالأَغْصُنُ الْمُلْدُ

كَفَاهَا تَجَاريبَ الْحَدَاثَةِ رُشْدُهَا
وَقَدْ جَازَ رَيْعَانُ الصَّبَا قَبْلَهَا الرِّشْدُ

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَهْراً لَهَا غَيْرُ عَقْلهَا
لَكَانَ الغِنَى لاَ الْمالُ يُقْنَى وَلاَ النَّقْدُ

غنىً لاَ يَحُلُّ الزُّهْدُ فيهِ لِفاضلٍ
حَصيفٌ إِذَا في غَيْره حَسُنَ الزَّهْدُ

لِيَهْنئكُمَا هَذَا القرانُ فَإِنَّهُ
سُرُورٌ بمَا نَلْقى وَبُشْرَى بمَا بَعْدُ

ففي يَوْمِهِ رَقَّتْ وَرَاقَتْ سَمَاؤُهُ
لِمَنْ يُجْتَلَى وَانْزَاحَت السُّحُبُ الرَّبْدُ

وَفي غَدِهِ سِلْمٌ تَقُرُّ بهِ النُّهَى
وَحِلْمٌ تَصَافى عنْدَهُ الأَنْفُسُ اللِّد

هُنَاكَ تَجِدُّ الأَرْضُ حلْيَ رياضِها
وَيُثْنَى إِلَى أَوْقَاتِهِ البَرْقُ وَالرَّعْدُ

فَلاَ حَشْدُ إِلاَّ مَا تَلاَقَى أَحبَّةٌ
وَلاَ شَجْوُ إِلاَّ مَا شَجَا طَائرٌ يَشْدُو