أَمُشَيِّعٌ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ ذَاهِباً - خليل مطران

أَمُشَيِّعٌ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ ذَاهِباً
وَمُشَيِّعٌ في الإِثْرِ قَلْباً ذَائِبا

يَا صَاحِبِي أَخْلَفْتَ لِي أُمْنِيَّةً
كَانَتْ دُعَائي لا عَدِمْتُكَ صَاحِبا

أَقْوَتْ مَعَاهِدُنَا وَكَانَتْ بِالهَوَى
مَعْمُورَةً فَإِخَالُهُنَّ خَرَائِبَا

وَأَرَى وُجُوهَ الشَّاهِدِينَ كَأَنَّهَا
تَتَفَقَّدُ الوَجْهَ المُنِيرَ الغَائِبَا

كُنْتَ الأَخَ المَحْبُوبَ وَالإِلْفَ الَّذِي
لَمْ يَنْسَ مُفْتَرِضاً وَيُهْمِلَ وَاجِبَا

إنْ كَانَ فِي عَيْشِي وَقَدْ فَارَقْتَهُ
طِيبٌ فَلَيْسَ العَيْشَ بَعْدَكَ طَائِبَا

إِنَّ الَّذِي كَابَدْتَ فِيهِ مُحَاذِراً
وَمُصَابِراً لَمْ يَبْقَ فيهِ رَاغِبَا

تَوْفِيقُ أَخْطَأَكَ الَّذِي تُدْعَى بِهِ
وَالمَوْتُ لاَ يَرْعَى لِحَيٍّ جَانِبَا

أَيْنَ الكَلاَمُ الحُلوُ تُسْقَاهُ المُنَى
كَالشُّهْدِ مَهْمَا يَخْتَلِفْنَ مَشَارِبَا

أَيْنَ الأَحَادِيث اللِطَافُ وَكُلُّهَا
سِيَرٌ مُلِئْنَ طَرَائِفاً وَغَرَائِبَا

أَيْنَ المَلِيْحُ بِخُلْقِهِ وَبِخَلْقَهِ
أَلطَّاهِرُ الشِّيَمِ النَّقِيُّ مَآرِبَا

سَامِي الشَّمَائِلِ فِطْرَةً لَمْ يَتَّخِذْ
مِنْ غَيْرِهِنَّ مَرَاتِباً وَمَنَاصِبَا

يُجْنَى عَلَيْهِ فَمَا تَرَاهُ حَاقِداً
أَوْ يُسْتَفَزُّ فَمَا تَرَاهُ غَاضِبَا

وَيَظَلُّ بَسَّاماً مَا هُوَ وَجْهَهُ
بَلْ قَلْبُهُ وَسِوَاهُ يَبْسِمُ كَاذِبَا

أَخْلاَقُ إِنْسَانٍ بِمَعْنَاهُ الَّذِي
صَقَلَتْهُ أَحْقَابٌ فَتَمَّ مَنَاقِبَا

أَحَسِيبُ إِنْ تُسْلَبْ أَخَاكَ فَإِنَّنِي
شَاكٍ كَمَا تَشْكُو الزَّمَانَ السَّالِبا

قَدْ كُنْتَ أُسْتَاذِي فَهَلْ أَنَا وَاجِدٌ
قَوْلاً يُثَبِّتُ مِنْكَ قَلْباً وَاجِبا

يَكْفِي عَزَاءً تَرْكُهُ الدُّنْيَا وَقَدْ
مُلِئَتْ أَسىً وَفَوَاجِعاً وَنَوَائِبا

فَليَلْقَ عِنْدَ إِلهِهِ مَا لَمْ يَكُنْ
لِيُنَالَ فِيهَا مِنْ مُنَىً وَرَغَائِبَا