بَدَا نُورُ صُبْحٍ بِالْهُدَى مُتَنَفَّسِ - خليل مطران

بَدَا نُورُ صُبْحٍ بِالْهُدَى مُتَنَفَّسِ
فَيَا حُسْنَهُ فِي أَعْيُنِ المُتَفَرِّسِ

وَيَا فَرَحاً بَعْدَ الْغِيَابِ بِعَائِدٍ
دَنَا فَغَدَا مِنا بِمَرْأىً وَمَلْمَسِ

أَلاَ أَيُّهَا السَّاقِي وَصَهْبَاؤُهُ الْعُلَى
أَدِرْهَا فَمِنَّا كُلُّ ظمْآنَ مُحْتَسِ

أَحَقّاً أَتَانا الدهْرُ بِالْبِشْرِ بَعْدَ مَا
رَمَانَا بِهِ مِنْ مُتْعِسٍ إِثْرَ مُتْعِسِ

وَهَلْ رَجَعَتْ شَمْسُ الحَضَارَةِ بَعْدَمَا
طوَتْهَا دُهُورٌ فِي غَيَاهِبِ حِنْدِسِ

رَعَى اللهُ مِنْ بِيضِ الغَوَانِي عَشِيرَةً
تمَرَّسْنَ بِالأَعْمَالِ خَيْرَ تَمَرُّسِ

رَأَى فِي تَمَادِيهِنَّ قَوْمٌ تَهَوُّساً
وَبِالْعَقْلِ طُرّاً بَعْضُ هَذَا التهَوُّسِ

أَجَلْ وَبِكلِّ المُكْثِرَاتِ مِنَ الحِلَى
دُمَى لاَبِسَاتِ المَجْدِ أَحْسَنَ مَلْبسِ

إِذَا وَسْوَسَتْ فِي صَدْرِ حَسْنَاءَ هِمةٌ
فَأَحْلَى سَمَاعٍ صَوْتُ حَلْيٍ مُوَسْوَسِ

أُرَاهُنَّ جَيْشاً لِلسلاَمِ سِلاَحُهُ
مِنَ النَّورِ فِي ظِلِّ اللِّوَاءِ المُقَدَّسِ

غَزَونْ وَهلْ فِي النَّصْرِ شَكٌ إِذَا غَزَتْ
فَوَاتِكَ بِالأَسيَافِ وَالسَّمْرِ وَالْقَسِي

نَقَايَا المَسَاعِي كُلُّهُنِّ حَصِيفَةٌ
لَهَا هَامَةٌ مَرْفُوعَةٌ لَمْ تُنَكَّسِ

وَتخْطِرُ لا تعْدُو الهُدَى خَطَرَاتُهَا
بِأَزْهَرَ مِنْ غُصْنٍ نَضِيرٍ وَأَمْيَسِ

وَتَسكتُ إِلاَّ مَا تَقُولُ فِعَالُهَا
فَإِنْ نَبَسَتْ أَرْوَتْ بِأَعْذَبِ مَنْبِسِ

أَلاَ إِنَّ عُمْرَانَ البِلاَدِ بِما ابْتَغَتْ
فَعَالِنْ بِهِ فِي كُلِّ نادٍ وَمَجْلِسِ

وَإِنَّ أَحَادِيثَ الصِّنَاعَةِ إِنْ يَجِدْ
بِهَا وَحْشةً قَوْمٌ لأَبْهَجُ مُؤْنِسِ

أَخاكَ فَناصِر مَا اسْتطَعْت بِقُوَّةٍ
وَثَوْبَكَ مِنْ مَنْسُوجِ أَهْلِك فالْبَسِ

وَنَافِسْ بِمَا هُمْ مُتْقِنُوهُ لِيُصْبِحُوَا
وهُمْ كُلَّ يَوْمٍ مُعْقِبُوهُ بِأَنْفسِ

دُعِيتَ فَإِنْ لَبَّيْتَ فَالْعِزَّ تكْتَسِي
بِحَقٍّ وَإِنْ خَالَفْتَ فَالْهُونَ تَكْتَسِي

وَإِنْ قِيلَ حُسْنٌ فِي جَلِيبٍ مُنَوَّعٍ
فَقُلْ كُلُّ حُسْنٍ فِي الأَصِيلِ المُجَنَّسِ

وَلاَ تسْتَمعْ فِيما يَعودُ عَلَى الحِمَى
بِضُرٍّ دَعَاوَى أَخْرَقٍ مُتَنَطِّسِ

فَمَا تُبْتَلَى الأَقْوَامُ مِنْ سُفَهَائِهَا
بِأَنْكَدَ مِنْ هَذِي الدَّعَاوَى وَأَنْجَسِ

وَهَلْ مِنْ فَلاحٍ لِلْبِلاَدِ وَأَهْلِهَا
إِذا الشَّأْنُ فِيهَا ساسَهُ أَلْفُ ريِّسِ

مَتَى تَرَ شَعْباً خَرْجُهُ فَوْقَ دَخْلِهِ
فذَلِكَ شَعْبٌ بَاتَ فِي حُكْمِ مُفْلِسِ

وَكَيْفَ يُصَانُ المَالُ وَالبَذْلُ ذاهِبٌ
بِهِ فِي مَهَاوِي جَهْلِهِ وَالتَّغطْرُسِ

لِنحذَرْ مِنَ اليَأْسِ الَّذِي دُونهُ الرَّدَى
وَمِنْ كُلِّ مَأْفُونٍ مِنَ الرَّأْيِ مُؤنِسِ

أَبَى اللهُ أَنْ يُلْفَى بِدَارٍ تَغَيُّرٌ
إِذَا لَمْ يُغَيِّرْ قَوْمُهَا مَا بِأَنْفُسِ

فيَا أَلْمَعِيَّاتٍ تَلمَّسْنَ لِلْحِمَى
مُنىً طَالَمَا عَزَّتْ عَلَى المُتلَمِّسِ

فَأَسَّسْنَ فَخْراً لِلبِلاَدِ مُجَدَّداً
وَهَلْ يَثْبُتُ البُنْيَانُ غَيْرَ مُؤسَّسِ

وَيَمَّمْنَ قصْداً وَاحداً فَمَنَحْنَهُ
مَهَابَةَ مِحْرَابٍ وَحُرْمَةَ مَقْدِسِ

إِلَيكُنَّ حَمْداً سَوْفَ يَزْكُو عَلَى المَدَى
لَهُ فِي مَسَاعِيكُنَّ أَطْيَبُ مَغْرِسِ

وَمَا الحَمْدُ إِلاَّ وَاحِدٌ فِي اتِّجَاهِهِ
سَوَاءٌ إِلَى المَرْؤُوسِ وَالمُتَرَئِّسِ