وخضراء بالأمس كم قد رَنَت - رشيد أيوب

وخضراء بالأمس كم قد رَنَت
إِليها عيونٌ ومالت قلوب

تصفّقُ للشّمسِ عند الهبوب
وترقصُ للريح عند الهبوب

إذا الطيرُ غنّت على غصنهَا
تميلُ إِلَيها كصَبٍّ طرُوب

قضَت عمرَها في حمى أمّها
ترُوحُ وتغدو كطفلٍ لعوب

نظرتُ إِلَيها وفي وجهها اص
فرارٌ يحاكي وشاحَ الغرُوب

فقلتُ لنفسي أتاها الخريف
نذيراً يدقُّ على بابها

أبنتَ الرّبيعِ استريحي غداً
فكلُّ الهنَاء لمَن لا يعي

قضيتِ الرّبيعَ وكلُّ الحياة
زمانُ الرّبيعِ فلا تجزعي

فماذا أقولُ أنا في الشّتاءِ
وصوتُ العواصفِ في مسمعي

أبِيتُ اللياليَ أرعى النجومَ
وإن نمتُ نامَت همومي معي

ويا ويحَ مثلي إذا ما دنا ال
صّباحُ دنوتُ إِلى مصرعي

سلي الخمرَ عنّي كم مرّةٍ
تساقطَ دمعي بأكوابها

أبنتَ الربيعِ إِلى الملتقى
فلا أمنَ إِلاّ بحضن التراب

ولا تسألي السرّ في ذي الحياةِ
ففي الأبديّةِ فصلُ الخطاب

أنا في خريفي أحثَ المطيَّ
بوادي الشّقاءِ وبِيدِ العذاب

عفا الله عني إذا ما ذكرتُ
عهودَ التّصابي وطال العتاب

أروحُ وفي الصّدر بعد المَشيبِ
عراكٌ جَناهُ عليّ الشّباب

فقلبٌ يدقّ بلحنِ الغرامِ
ونَفسٌ تُصَلي بمحرابها