لمّا بدا البرقُ في الظلماءِ ملتهبَا - رشيد أيوب

لمّا بدا البرقُ في الظلماءِ ملتهبَا
وراح يطوي فضاء الله واحتجبا

ناديتُ ربّي وطرفي يرقبُ السُّحبا
ربّاه يا خالقَ الأكوان وا عجبَا

كم تُشبهُ البرقَ هذا أنفسُ الشعرا

يا ليلُ مهلاً ولا تُشفق على بصري
فما تعوّدتُ فيك النوم من صغري

يا ليل مهما طل لا بدّ من سهري
حتى يودّع طرفي نجمة السَّحَرِ

تلك التي عشقتها أنفسُ الشعرا

دَعهُ يغيّض بلجّ الكأسِ أدمعهُ
فقد تذكّرَ نائي الدار أربعهُ

وهاتِ عودك واضربهُ ليسمعهُ
لكن توقّ رعاك الله أضلعهُ

تلك الأضالعُ فيها أنفسُ الشّعرا

سَلِ الكمنَجَةَ مَعنى أنّه الوَترِ
والرّيحَ إن هينمت سلها عن الخبرِ

والطيرَ إن بكرَت تشدو على الشجرِ
سَلها وسل كلّ روضٍ زاهرٍ عطرِ

تجبكَ يا صاحِ هذي أنفسُ الشعرا

يا هائماً بابنةِ العنقود تطربُه
منها الحميَا وفعل الراح يحسبه

أستغفرُ الله ممّا بتَّ تنسبهُ
للرّاحِ إنّ الذي في الكاس تشربهُ

يا صاحبي رشحتهُ أنفسُ الشعرا

طوباكَ يا ساكناَ في الغاب تؤنسهُ
إِلاهةُ الشعر والأشباح تحرسهُ

يضمُّ كلَّ لطيف الروح مجلسهُ
ملآنةٌ من صفا الأيّامِ أكؤسهُ

وحولهُ تتَغَنّى أنفسُ الشّعَرَا

لله ناي سبتنا روحُ صاحبهِ
حتى وقفنَا حَيارَى عند واجبهِ

فصحتُ والليل زاهٍ من كواكبهِ
يا نافخ الناي يحدو في مواكبهِ

بنغمةِ الناي هامت أنفسُ الشعرا

يا نسمةً في مرُوج الحبّ نافحةً
حيث الحمائمُ لا تنفكّ نائحةً

ناشدتكِ الله إن باكرتِ سائحَةً
عند السواقي بجوّ الروح سابحةً

فهينمي تَترَنّح أنفُسُ الشّعرا