الطبيعة والجمال - عادل البعيني

تنادى الجَمَالُ بِثَغْرِ الرُّبا
وغنّى طَروباً على نَغْمَتَيْنِ

لِهِندٍ ولَيلى وحُسْنَيْهِما
و ألوانِ حبٍّ وغمَّازتيْنِ

تلاقَتْ بشوقٍ و طيْرُ الْهَوى
يَحُطُّ وئيداً عَلى زَهْرَتَيْنِ

فَهَذِي رَبيعٌ أطلّ وديعًا
تبِشُّ بِثَغْرٍ وتَرْنُو بِعَيْنِ

تغنِّي فوَيْقَ خُدودِ الدُّنا
فيَحْنُو رويْضٌ على مُقْلتيْنِ

فَكَمْ مِنْ وُرودٍ تُحاكي خدودا
ونَوْرِ جِنانٍ على الشَّفتَينِ

وتلكَ ذُكاءُ تَفيضُ عَطاءً
تَشُعُّ بِنُورٍ على العالَمَيْنِ

كشالِ حَنانٍ دَفِيءٍ سناهُ
وضَوْءِ ودادٍ كَفيْروزتَيْنِ

فَسَالَ لجَيْنُ الجُمانِ رُؤًى
كَحُلْمِ رَضِيعٍ غَفَا غَفْوتيْنِ

سَرَى مِثْلَ طَيْفٍٍ يَمُوجُ انْبِهارًا
تَجَلَّى نضاراً على وَجْنَتَيْنِ

و َبَدْرُ الليالي تَهادَى حَييًّا
يُضِيءُ صِباها بِِلَونِ اللُجَينِ

و عِنْدَ ضِفافِ سَواقِي هوايَ
تثَاءَبَ وَرْدٌ على قطْرتيْنِ

فقَبَّلَ عَرْفَ جُفُونٍ غَفتْ
وَ هُدْباً تَحَمَّم فِي دَمْعتَينِ

و هلَّ سَعيداً أَصيلُ غروبٍ
لِيَسْقيَ شَوقاً رُبا رَوْضَتَينِ

فمالَ طَرُوباً فُويْقَ شِفاهٍ
لِيَزْرَعَ جَمْرَهُ في لَمَتَيْنِ

و يَرْنُو إليها بِشَوقِ عَشيقٍ
تَرِقُّ فتُهدي لهُ قبْلتَينِ

و غَيْثُ سَحابٍ ينثُّ عليلا
كَدَمْعٍ تَرَقْرَقَ مِنْ مُقْلَتَينِ

وَ طَلٌّ أَطَلَّ شفيفًا رؤاهُ
تَوضَّعَ يَحْنُو على وَرْدَتَيْنِ

يُسِرُّ حَديثاً كَتومًا صداهُ
وَيَجْهَرُ طوراً بِتَنْهيدتَيْنِ

و ليلٍ تَبدَّى يُعانقُ موجًا
تَمَدَّدَ سِحْراً على الكَتِفَيْنِ

عَراهُ انْتِشاءٌ فأغفى بحنوٍ
يَضُمُّ اللّياليَ في خُصْلَتَينِ

وماسَت رُباهُ بقلبٍ مَشوقٍ
تُداعِبُ في الصِّدرِ تُفاحَتَينِ

نُهَيْدُ حَنانٍ كَنَبْعٍ زُلالٍ
أَمُوتُ شَهيداً على حَلْمَتَينِ

فأغفُو خجُولاً بظِلَّ ضياءٍ
وَأَجثو رُكُوعًا للقِبْلَتَيْنِ

فَكَمْ مِنْ جَمالٍ براني سناه
أراهُ طَلِيقاً كقُبّرتَيْنِ

حَبَتْهُ الطّبيعَةُ سِرّاً شفيفًا
فَجاءَ شبَِيهاً بزيدٍ وزينِ

*

لبنان عاليه – تموز 1997