روضةٌ لا تحبُّ سلمي سواها - وديع عقل

روضةٌ لا تحبُّ سلمي سواها
معبداً في صباحها ومساها

كلما حانتِ الصلاةُ توافيها
وتخلو لِلّه في نجواها

آيةٌ في الحسانِ قد خصها ال
باري بكل الجمال لما براها

واصطفاها لحبه فحماها
في ذمارٍ من زهدها وتقاها

واصطفته لها حبيباً ولم تر
حم من الناس هالكاً بهواها

عشقته ولا تراه ولكن
حسبها من عشيقها أن يراها

وأتت مرّةً تناجيه في الرو
ض وقد باكرته قبل ضحاها

وتمشت على الرياحين لا تؤ
ذي الرياحينَ بالخطى قدماها

وجثت في ظلالِ صفصافة حا
كت ذؤاباتها وحاكت حياها

والأزاهير حولها مثل أحدا
ق المها قد تفتحت ترعاها

وأكبت على الصلاةِ وعينا
ها إلى ساكنِ السما وبداها

فإذا بالنسيم من خلل الأغ
صان كاللص جاء يلثم فاها

قبلةٌ تلوُ قبلةٍ تلو أخرى
اقلقت بالها وهاجت شجاها

واستغاثت سلمى بيسوعها تش
كو إليه النسيمَ مما دهاها

تلطم الخد تلدم الصدر والمح
بوبُ عنها محجبٌ يتلاها

وأعاد النسيم كراته يل
ثم خداً ومقلةً وشفاها

وتمادى حتى تغلغل ينسل
انسلال الثعبانِ تحت رداها

فتولى فؤادها جزعٌ مما
أحست واجهشت في بكاها

وتخلت عن الصلاة وخفت
كالغزال الغضبان تنحو حماها

وأفاضت لوالديها بشكوى
أضحكت أمها بها وأباها

ضحكاً للصبا المغفل حتى
أضحكاها فسريا بلواها

وخلت أمها بها تشرح السر
لها كيف تم نضجُ صباها

وغدت بعد ذاك سلمى توافي
روضها والنسيمُ ملءُ رضاها

واستباحت غير الصلاة صلاةً
واستحلت غير الإله آلها