ردي على وطني حماة ذماره - وديع عقل

ردي على وطني حماة ذماره
يا بنت حكمته وام صغاره

ردي عليه رجاله فرجاله
غلمان دارك لا شيوخ دياره

الناشئون على عبادة ارزه
يتعلمون الموت تحت شعاره

هم ريق الأمل الذي يحيا به
والموت يضرب سيفه بجواره

أمل به استبقى نضارة روضه
وبليل رياه وصدح هزاره

فهي المراتع ما عهدت ونجدها
في آبه كالسفح في آذاره

خلعت يد الباري عليها حلةً
من مثل ما خلعت على اخداره

ثوبٌ يغار عليؤه خالقه فلا
يرضى بمد يدٍ إلى أزراره

ثوبٌ تمرّ به القرون ووشيه
ذو جدَّةٍ فكأنه ابن نهاره

ضافٍ يجرّ على الجبال ذيوله
والبرق يلمع من خلال صداره

والأرز من شاراته وحديثه
ما قال ربك عنه في أسفاره

طافت ملائكة السماء بدوحه
وحنت مباسمها على أزهاره

ومشى مرتلها يغنيه بما
غناه داودٌ على قيثاره

ان لم يكن لبنان جنة خالق
الدنيا يكن لبنان شرفة داره

منه تطل الحور سكرى وهي لم
ترشف سوى السلسال من أنهاره

فتناسم الفواح من ريحانه
وتغازل الصداح من أطياره

وحيالها شلاله متدفقاً
والكوثر الفوار من فواره

ولجين برودنيه مترقرقاً
والكرم يضحك عن نضيد نضاره

والبدر من خلف الهضاب كأنه
وجه المليحة لاح خلف إزاره

اللَه للجبل المفدى مجتنى
ثمر النعيم ومجتلى أنواره

وبمقلتي صنينه ومشيبه
يملي على الأجيال آي وقاره

وبمهجتي نفحاته قدسيةً
تقصي عن المصدور طيف بواره

يرتادها والعمر في آصاله
فترده والعمر في أسحاره

لبنان منتجع الحياة ومعقلٌ
تتزحلق الآفات عن أسواره

ويزل ساري الغيم من شرفاته
متبركاً منه بلثم جداره

ان روع الحدثان مهجة شوفه
بمكارهٍ تغشاه تلو مكاره

فالشوق عنه يستقل بروعه
والشوف عنه يستقل بعاره

يا ويحه والرزق ضاق سبيله
والجار غير مؤمنٍ من جاره

يا ويحه والروض جف نضيره
لما جنى الجاني على أكاره

لو جاء فخر الدين يشهد حاله
لبكى عليه وجدَّ في استنكاره

أو رددت أخبار ما فيه على
قبر الشهاب لضج من أخباره

قل للصفا ومسامع الصفصاف ما
ثلةٌ عليه تنال من أسراره

إن البنين بنيه قد عافوا الصفا
من عيشهم ولووا على أكداره

وتجنبوا نفس النعيم وبرده
ميلاً إلى نفس الجحيم وناره

ومتى تجد بلداً يُضام بريئه
قل ان ربك قد قضى بدماره

والدهر يعرف كيف يثأر لا الذي
سفك الدماءَ وضلَّ موضع ثاره

اسفي على الشوف العزيز يذله
أشراره بغياً على أخياره

اربى على أدبائه سفهاؤه
وعبيدهُ ظهروا على أحراره

فتضعضع العقال في خلواته
وتحير الرهبان في أدياره

اسفي عليه وهو ملعب صبوتي
ومقيل غسان الشباب الفاره

عبث الغرور به فكدر ورده
الصافي ونكر طيبات عراره

وأعارني نوح الحمام لموقف
كنت الخليق له بصدح كناره

هي زفرة من عاثر افضى بها
الوطن الشجي إلى مقيل عثاره

وطن يضج إلى الشبيبة كلما
التمس المقذف من حماة ذماره

أي معهد الأدب النضير ومهتدى
ذهن الصغير ومغتذى افكاره

عذراً لبارحة تمر وعيدك
الذهبي وضاءٌ على أقماره

أنا من يرى لبنان فوق حياته
ويرى منار النجم دون مناره

ويرى فدى لبنان كل قطينه
من مرد فتيته إلى أحباره

أنا من يرى فخراً بلثم ترابه
ويود بالاجفان مسح غباره

أنا آيةٌ منقوشةٌ في صخره
وشرارةٌ مطبوعةٌ بغراره