قصر الجزيرة لا ضاهتك أشباهُ - وديع عقل

قصر الجزيرة لا ضاهتك أشباهُ
ولا تنكب عن أسوارك الجاه

يا ند يلدز في أيام دولته
أما ذووك فما ضاموا ولا تاهوا

ولا استزانوا بلطف اللَه تسميةً
بل اقتفوا ما أراد اللاطف اللَه

لم يوص ربك إلا بالفقير فقد
سمى الفقير أخاه حينَ سماهُ

واخوةُ اللَه بين الوافدين على
قصر الجزيرة اخوانٌ لمولاه

تقيلهم يده اليمنى إذا عثروا
وتستطيل لهم باليسر يسراه

فلا اليتيم يتيمٌ إذ يلوذُ به
ولا الطريدُ طريدٌ حين يلقاه

ولا القريبُ ذليلُ في ملاجئهِ
ولا البعيدُ بعيدٌ عن عطاياه

إن كان من يهب المسكين مدخراً
في ذمة اللَه ديناً سوف يوفاه

فللأمير المفدى جورج اعظم ما
في ذمة اللَه من دينٍ وأغلاه

دينٌ يوفاه أقساطاً منوعةً
منها شبابٌ قشيب الثوب يكساه

وهمةٌ بمناط النجمِ يعقدها
إذا رمى القبةَ الزرقاءَ مرماه

وخاطرٌ يجتلي أنواره وطنٌ
أمضهُ ليلهُ الطاغي واضواه

ليلٌ تمطى على لبنان وانفجرت
في كل ناحيةٍ منه بلاياه

فلا الصفا في عقيق الشوف منطلقٌ
زهواً ولا الربرب الشوفي زهزاه

ولا العروسُ عروسٌ في البقاعِ ولا
الوادي تغنيه ما غنته ليلاه

ولا مناهل قاديشا مرنقةٌ
ولا النسيم نسيم الأرزِ رياه

والروض مكتئبٌ يبكي لوحشته
مرنح الأيك والصداح أواه

قد عقه طيره وارتادَ منتجعاً
في غيره وتجافاه فأشجاه

كأن لبنان لم يخلق بنوه له
قد وزع البين في الآفاق ابناه

مضوا فلا الشوق يدنيهم إليه ولا
منهم مغيثٌ يجلي عنه جلاه

أما الأمير فلما جاءه نباءٌ
عما يكابده لبنان ابكاه

بكى واصغى إلى لبنان مشتكياً
يدعو مغيثاً من الدنيا فلباه

وجاش جيشة ملتاعٍ على وطنٍ
فيه رأت نور هذا الكون عيناه

صبا إلى العيش في بيروت مجتلياً
أحلام صبوته فيها وملهاه

أيام كان يغادي أشرفيتها
والغيد بالمقل النجلاء ترعاه

أيام كان إذا ما راح منتحياً
شورانها نحت الآرام منحاه

فلا الجزيرة تنسيه مناعمها
شرخ الشباب بلبنانٍ ونعماه

ولا مراتع وادي النيل تصرفه
عن مرتعٍ في ظلال الأرز يهواه

ولا مرابع إسماعيل تمسكه
عن مربع تحت داجي الهول ناداه

ناداه يا قاتل التنين قد بعث
الطاغي وفاجأ قومي فاغراً فاه

ناداه يا قاتل التنين قد بعث
الطاغي وفاجأ قومي فاغراً فاه

أدرك ببأسك لبنان العزيز كما
أتى سميك دراكاً فأنجاه

فما يرى منقذاً إلاك ينقذه
وما ترى وطناً يصبيك إلاه

أدركه قبل تداعيه فقد عصفت
من حوله زعزعٌ مادت بمبناه

أدركه بالمال يدني منه نعمته
أدركه بالحزم يقصي عنه فوضاه

ألبيت بيتك إن لم تحمه انتهك ال
باغي حماه وعاف الحر مثواه

والقوم قومك ان تجمعهم اجتمعوا
وان تخليت عن أحوالهم تاهوا

يا بهجة النفس إذ تجلى مناقبه
وبهجة العين إذ يجلى محياه

ما ضر تخثاً لفخر الدين يركبه
فتىً إذا قيس بالأمثال ضاهاه

وما يضر الشهابي الذي درجت
علياؤه ان يرد الدهر علياه

لم يستقل الألى غابوا بما وهب ال
باري ولا انحصرت فيهم مزاياه

فقد تعود بفخر الدين سانحةٌ
وقد يعود أبو سعدى وسعداه

وقد يرد على لبنان خالقه
ما اخلق الدهر من مجد وابلاه

اني أرى قبساً في الجوِّ مؤتلفاً
متى تبسط لم النحس ظلماه

نورٌ تلألأ في جو المقطم وا
لألحاظ ترقب من صنين مجلاه

لا بد للساهر الولهان من قمرٍ
في ليلهِ فيلاقي وجه ولهاه

وإن لبنان إن طالت بليته
فسوف يكشف لطف اللَه بلواه