أمعلم الفصحى ورب بيانها - وديع عقل

أمعلم الفصحى ورب بيانها
هذا مقامك في بني قحطانها

وفدوا وهم امراؤها وشيوخها
ليبايعوك وأنت فرد زمانها

نادوا بعبد اللَه بعد زيادها
يحمي مفاخرها وعزة شانها

نادوا به ملك البلاغة فاستوى
في المنبر الموروث عن ذبيانها

ومشى بريدهم إلى أقطابها
ببلاغهم يتلى على أعيانها

أدى البلاغ لمصرها وشآمها
فعراقها فحجازها فيمانها

انهى إليها ان حجتها على
عرش البلاغة قام في لبنانها

في دولةٍ عربيةٍ متت إلى
الأصلاب والأرحام من غسانها

نسب به الأرزي يستعلي على
الأنساب مفتخراً على غرانها

ما كان لبنانٌ على استقلاله
الا حمى العرباء منذ كيانها

متوثق صلةً بها فلسانه
بلسانها وجنانه بجنانها

يحنو على أم اللغات محاذراً
ان يستقر عليه غير حنانها

هو بيت انجب أمةٍ عربيةٍ
نشرت على الدنيا لواء بيانها

عربية في دينها فالضاد في
انجيلها والضاد في قرآنها

والضاد في توراتها وحديثها
والضاد في ترتيلها وآذانها

والضاد في أكواخها وقصورها
والضاد كل الضاد في بستانها

في معجم كالسور حاط أصولها
ليرد كيد الدهر عن ديوانها

فتعلم العرب الكريمة أنها
حظيت بأمنع ضابط للسانها

سلمت لها الفصحى فدون حصونها
تتدحرج العجمات في خذلانها

سلمت لها في قلب لبنان كما
سلمت لها في القلب من نجرانها

لغةٌ يهون على بنيها ان يروا
يوم القيامة قبل يوم هوانها

الخافقان فدىً لها وكلاهما
هرِ ما عليها وهي في ريعانها

هيهات يخلقها الزمان فإنها
لغة الملائك في ظلال جنانها

لغة تدور على لها جبريلها
ألفاظها وعلى لها رضوانها

لغة الطبيعة فالطبيعة أمها
لم يرب غير الضاد في أحضانها

محكية عن طيرها وسباعها
وسحابها ورياحها ودجانها

منحوتة من هينمات نسيمها
ونزيب ظبيتها وهزة بانها

وانين ثكلاها وبث عميدها
وحنين ولهاها إلى ولهانها

ونواح ساجعة على أعوادها
وصداح غريد على أغصانها

هي خاطر الادهار في أسرارها
وربيبة الأمراء في غمدانها

بدوية والتيهُ من ارباضها
حضرية والشام من اوطانها

ركبت متون الكهرباء فعيسها
والكهرباء اليوم من أظعانها

وترى البواخر والطوائر اصبحت
مثل الضوامر من جياد رهانها

ما ضرها دهر يثل عروشها
ويجردُ الهامات من تيجانها

فلها من الأكباد عرش خالد
لا يستقل به سوى سلطانها

تلك الأريكة تقوض قبل أن
تتقوض الدنيا على أركانها

غاد الرياض رياض بستانيها
وتنسم النفحات من ريحانها

وتبين الفصحى على لهواته
سيالةً بعقيقها وجمانها

واقرأت تحيتها على الصيابة ال
داركة السباق في ميدانها

المرسل المنثور من ياقوتها
العاقد المنظوم من مرجانها

المستعير الطيب للأنفاس من
أزهارها واللحن من كروانها

الرافع الأستار عن أسرارها
الباعث الآيات من أكفانها

ضرب الشوارد من قوافيها كما
راض الأوابد آخذاً بعنانها

وحمى حمى اللغة العزيزة طامعاً
بالصف تلو الصف من أعوانها

بالحافظين عهودها بالناشري
ن بنودها بالطائفين بحانها

ناداهم للمهرجان فضحضحوا
مثل السيوف تسل من أجفانها

نثروا له زهر البلاغة ناضراً
ضفروا له التيجان من عقيانها

هذي عكاظ وسوقها معقودة
والشيخ راحته على ميزانها

لو لم تجده الضاد حجتها لما
نقلت عكاظ إلى حمى مطرانها