أترَى ما اكتَفَت صروفُ العَوَادي - وردة اليازجي

أترَى ما اكتَفَت صروفُ العَوَادي
بسهَامٍ أَصَمت صَميمَ فؤَآدي

كلَّما كاد بضَمدُ الجرحُ تَرميني
بجرحٍ مُفَتّت الأَكبادِ

نكبةٌ بعدَ نكبةٍ بعد أُخرَى
كاتّصال الأَسباب بالأَوتادِ

وأبى الدهرُ أَن يمنَّ بنظمٍ
غير نظم الرثآءِ والتعدادِ

سَلَبَتني المنونُ إِنسانَ عيني
ورفيقي وعُمدتي وعمادي

يا أليفي في شدَّتي ورخائي
ونصيري في النائبات الشدادِ

كيف غادَرتَني بقلبٍ جريحٍ
يتلظَّى في مثلِ جمر القتادِ

كيف أَغمضت طرفَكَ اليومَ عني
وغدا القلبُ منكَ مثل الجمادِ

يا صفيَّ الفوآد يا طاهرَ النفس
ويا صَاحبَ التُقَى والرشادِ

قد بَكَت فقدكَ المَنابرُ حزناً
وتردَّت عليكَ ثوب الحدادِ

وبكتك العُلومُ من كلّ فنٍّ
كنت فيهِ من أَوحدِ الأفرادِ

طالما كُنتَ ساهراً تجهدُ النفسَ
بنشرِ العُلُومِ والإِرشادِ

شتَّت الدهرُ شملَنا وافترَقنا
وكذا الدهرُ مُولَعٌ بالعنادِ

فسأَبكيكَ ما حَييتُ إلى أَن
نَلتقي في جوَارِ ربّ العبادِ