لبنان - يوسف الخال

لبنان شأْنك أَن تبالي ،
جنحت خُطاك إلى الضلالِ :
ما لي أَراكَ تكاد ، بعد اليوم ،
تغرق في الرمال
وعلى جبينك ما يعيب المرءَ
من ذلِّ السؤال
لا الأَرض أَرضك ، ما تشاء ،
ولا الأَساطير الخوالي .
..
جحدتْ بك الأَبناءُ لا
أَيدٍ تُمَدُّ ولا مبالي
فكأَنما خلع الظلام
عليك أردية الوبال
ولأَنت ، قبل اليوم ، مسرى
النُّور في درب الليالي
يأْوي إليك الخيرُ في
الدنيا ، وتحضنك المعالي .
ولطالما لجأَ الخلود
إليك يطمع بالوصال
فتجود ، إِمّا ضنّ غيرك ،
بالفريد من النَّوال :
فاذا البحار مراكبٌ
تجري وتهزأُ بالمحال
تبني الشطوط مدائناً
للفكر ، بعدُ ، وللجلال
وتعلِّم الإِغريق والدنيا
أَساليب المقال.
ولدى الزمان مآثرٌ
لولاك لم تخطر ببال
فبدأَت من طاليسَ عهد
الكون بالفكر الحلال
ومشى الإله على ترابك
ناصريّاً في التجالي :
وعدُ الخليقة بالفداءِ ،
وبالخلاص ، وبالتَّعالي .
..
لبنانُ ، يا بلدي الحبيب
إِذا عبدتك لا أُغالي
أَملُ العروبة في يديك
وِإن تجاهلتِ الموالي.
أَتُرى يُعاد الأَمس يومَ
وقفتَ في وجه الأَوالي
تحمي بقايا النُور في الشرق
الجريح من الزوال
وتظلُّ للأَحرار موئلهم
على مرِّ الليالي:
تبني حدودك حيثما
يقع الصباح على جمال.
..
لبنانُ ، روحي عنك ، يا
وطناً تفرّد بالمُحال
فلأَنت أَول يعربيّ
الوجه غربيّ الخصال
جمعت يداك رؤىً تموت
وواقعاً حيَّ الفعال.
نفديك يا وطني ، ونحمي
جانبَيك بالابتهال
ونحبُّ من يرتدّ ، في
جهلٍ ، عليك ومن يوالي :
فنواكب النُّعمى ، ونهدي
الشاردين إلى المآل.