مجنونة من لا تحبني - رامز النويصري

"كنت أحسبُ أن الأشياء تنتهي، فإذ بها تنتهي هناك.. فكيف لا.."
كيف لا!!؟؟..
وأنا بعضُ البلاد، وزحامُ سادتها
شوارعُ الوحل الحفر
رائحةُ الصيف اللزج، والخريف الطويل.
زئيرُ الـفتياتِ في الدروب يصمُّ عيني
سكينة الزوايا، تقنعُني أن الفتيان ضاجون.
فكيفَ لا!!؟؟،
وهذا الزحافُ ينقصُ القصيدةَ دون اكتمالِ دورتها
ويعدُ بنصِ الحضور الطاغيَ الآن، وشهقةِ التلامسِ الأول.
أحياناً أكونُ غير الذي أنا
غيرَ الذي تحتَ الثيابِ
غيرَ الذي في الوجهِ، غيرَ الذي أجلس
غيرَ الذي أتحدثُ الآن
فاحْذري أن أخرجَ وحيداً بدونِك
ستَلتهِمني المدينةُ بسهولةٍ،
وسأكونُ سهلاً للخِلاسياتِ عندَ الأقواسِ حيثُ أحبُّ إيقافَ القصائِد ومنَاوشتِها
نهباً للسعاةِ وطالبي المغفرةِ، والأمنِيات
وسيكِرُّ الوقتُ وأنا أحاولُ رسمَ الأرصفةِ بلونيْها، ومقايضةَ الآمانِ بابتسامتي
سأكونُ قادراً على رصدِ النجوم من نقطةٍ أقرب،
هذا رودس يمسك رأس الغول ويفدي ذات السلاسل،
يتبعُ سهمَ القوس، ويشاكِسُ الميزانَ فيقلبنا عن الطاولة..
ألم أقل: إن النجومَ أكثر حدةً مني، وأنها صعبةُ المراس
وأني رغم الإيلاف، لازلتُ أخافُ الاقتراب أكثر
تأخذُني يدي بقوةٍ، أنازعُها شهوةَ الاقتِراب،
لكنها تسْتمرُ، وتبدي الكثيرَ من الفتنةِ..
سَأسقط
وسيكونُ منَ الصعبِ التراجِع
إذ أنا الآن، غيرَ الذي يتحدثُ الآن
كأن تكونَ لي مدينة، فتقولُ لي كلَّ صباح:
أنتَ الرجلُ الذي استطاعَ أن يجعل فيّ ربيعاً أخراً، ونحلاً دائم العشق، وهيجاناً.. وبحراً لا يشبع من التقبيل، وشاطئٌ لا يمل آثارَ الأصابعِ ترسمُ أحلامها، وتُسلمُها للبحرِ في هدوووء ممض، ومشاغبةٍ حرَّى
كأن تكون لي.. أغنيةٌ تظلُّ ترددني كلَّ صباحٍ، في حُنجرةِ عصفورٍ أو طنين يعسوب
كأن تكونَ لي قُبلة،
تذهبُ عميقاً في قلبِ الزهرةِ حيثُ سرٌ بحجمِ اللونِ والمتعةِ والابتلالِ ومياسمَ لا تهدأُ راغبةً بامتلاكِ الأكثرَ من الزائرين العابرين دون هوادةٍ، بهدوووء ممضٍ ومشاغبةٍ حرّى
كأن أقضي الوقتَ في الرسمِ مشكلاً أسوداً مسدلاً ومطروحاَ،
غابتا زيتون، درجا عنب، حقلا ورودٍ وياسمين، وساقية
ونخلتان تهتاجان وبلا هوادةٍ تسّاقطان،
عشري وعشركِ، بطنٌ وظهران يحتدمان،
أسطورةٌ، أجوسُ فيها كما أشاء.. بيدين وثلاثْ، وألفُ حربةٍ وحربٍ وبواديَ ومسوخٍ وحورياتٍ ولياليَ وطرقِ وِبحارٍ وعرائس وسُفن..
التاجرُ والحمالُ والحاوي والإمامُ الوزيرُ والسلطانُ والوالي..
موقِعي الذي أريد، حيثُ يحلو لي مغازلةُ دَربكِ بأكثرِ من طريقةٍ، وبهدوووء ممض ومشاغبةٍ حرّى
كيما،
لابدَّ أن تملُكي الوقتَ والاشتهاء
ومَرجاً من رياحِين.. طقساً يليقُ باللقاء
حضورٌ يغلبُ العادة، ودَربٌ يَشي بالقائدِ والحكايا
فيسرقُني مِنكِ وجْه
وليكن
غيرَ هذا الوجه، وجه
وليكن
غيرَ الذي أعتادُ، وجه
وليكن
غير الذي كان.. كيما
تحلق فيّ فراشاتُكِِ
تعبئُ وردي الفارغَ للرحيق،
كم طالَ فيه الوجد، والفراشاتُ الحواشْ
ولتكن
كلُّ الزياراتِ قدوم.. كيما
أمنحُ الدربَ سبيلاً باكراً للخروج
وليكن
غيرَ الخروج، خروج
وليكن
غيرَ هذا الوجه، وجه
وليكن
هذا التراتبَ طاغياً.. كيما
أعدُ بركتي بِطقسٍ يجـبرُنا على النزول
ونتفِ ريشِنا عند القيظ، والإدْهاش
إذ ربما دَعانا السّهل
وربما شاركنا الحضورَ طيرُ إوز
نتذكرُ ذاتَ نتفنا، وبركتَنا، وسهلنا الممنوح/ كيما،
لا وعدَ لدي بأكثر من قصيدةٍ عندَ كلِ لقاء
وحضورٌ يلبي رغبتي في أن تظلَّ شفتاكِ مطبقتان
وحكايا تقربُ مني عينيكِ أكثر
يدان هادئتان
كيما أحب، لابد من يدين مشاغبتـين.
كيف لا!!؟؟
والقصائدُ تبدأ الآن
والشوارعُ تزدحمُ بالراقصين والمهرجينَ، وبائعي التذاكر
وتفرشُ غبارها وعلبها كأبهى ما يكُون
كلَّ يومٍ هروب.. ومناوشةُ.. وحبٌ مختلس
ورائعاتُ يعرفنَ كيفَ يأخذنني عنك
ورائعون يلْحنونَ في القولِ جهراً
والشوارع كما هي،
وأنا لستُ الذي كان
فكيف لا!!؟؟
هذه الحقيقة.. رائعة أنتِ..
ومجنونةٌ من لا تحبني.