وِردُ النيـل - أحمد البربري

(1)
على زفرةِ النيلِ
أصحو أخيراً
أصافحهُ في ذُهولٍ
و أسرارُ سُمرتِهِ العبقريةِ
سادرةٌ في اختراقي
تُقشِّرُ عني حراشفَ غيبوبتي
أتصبَّبُ بنتاً / ندى ً
لم يَعُد يتنزٍَّلُ
في رَوعِ أغنيتي
منذُ لخَّصْتُ عُمري
في ُمقلتيها
فماتتْ
ووحدي أجيئُكَ يا نيلُ
لا مقعدٌ ههنا
مُصطفىً للنٍَّدى
تنهيدةُ الليلِ شالتْ فؤادي
حَنيناً
لتذرِفَهُ قُبلةً في وجوه المحبينٍَ
إِذ هُم يُضيئون مٍِلأ الحضورِ الغيابٍَ
جِمـَـاراً
تَسَاقَطُ في شُرفةِ القلبِ
( وحدي)
أكفٌ تُراقِص بٍَعضاً
فينشقُّ كفِّي بُكائاً
وتخرقُ عيني الشظايا
أجرجرُ شيخوخةَ الروحِ
وحدي
وحدي ... والنيلُ
تجعيدةٌ تترامى
ما بينَ كفٍَّينِ مشنوقَتينِ
بخٍَاتمِ عرسٍ دخيلٍ
و بينهما ألفُ عامٍ
ووطنٌ تقاعدَ من أَلفِ عامٍ
و مُستعمراتُ دُخانٍ
وسربُ يمامٍ أخيرٍ
ُيحاول..
(2)
يا عينيها
يــا عيني
يــا نيل
يــا آخرَ حقلٍ من رُوحي لم يتأكدْ بعدُ بوارُه :
قمرٌ آخر
يسقطُ في حِجرِي
يسألُني عنكَ
فتخنقهُ الغصٍَّةُ
هل تعرفُ كم قَمَراً
تتكومُ جثٍَّتُهُ بجواري وأنا مُعتكفٌ
أحشِدُ صلواتي؟
لم يا نيلُ فَقَأْتَ الوٍَرَمَ
لتُفصِحَ عن ألَمِ السُنْبُلةِ
أمامَ دناصيرِ الخرسانةِ ؟؟؟
ِلم َ يا نيلُ تَقَمَّصْتَ الكُحْل َ
لتبعثَ عينيها في أَلَقِ عُيونُ العُشٍَّاقِ
لأسفح عينيَّ قرابيناً للفيضانْ ؟؟
هل تعرفُ كم قَمراً يتبقٍَّى
في ُقبةِ رُوحي
مُرتعداً
يا نيل .. ؟؟
(3)
يا آخرَ قطرةِ نُورٍ في ثدي الصُبح ِ
انسَكَبَتْ في كفِّ القيظِ
و تَرَكَتْني أتشقَّقُ ظَمَأًٍ
و أشدُّ تلابيبَ صلاتي
فأُرفرفُ صوبَ العرشِ
فتتوخاني الشُهبُ
فتثقُبُني الكدماتُ
فتلقَفُني الحُفَرُ المعتادةُ
يا يرحمُكِ اللهُ من اليُتم ِ
المتربِّص بصَبَيٍّ
مطرودٍ بِنَدَاهُ
من الحلمِ الأعزلْ
أعرفُ أنكِ بعت ُصكوكَ تَبَسُّمِكِ
لمن يقتصُّ لفرحِكِ
من وِحْدَتِكِ .. ومنِّي
فانطمس اسمي المحفور على أضلاعكِ
..أن السوسنَ في عينيكِ احترق َ
تنزَّهَ دمعُكِ
عن وعثاءِ السَّفرِ إليَّ
وأنَّ على بابـِك
خَاتمُ مَن لا تُزعجه الماكيناتُ
الملتهمةُ وجناتِ النيل
ولا يأكلُ أَسْوَدَ مفرقِهِ
الشِعر