مَا تَيسَّرَ مِن سِْيرة النَّدى - أحمد البربري

-صفر-
يا هارباً
من ُغرفةِ الحلمِ المراهقِ
حاملاً عشرينَ مجمرةً و نَيِّفٍ
لا الحلمُ أعطاكَ اختياراتٍ مغايرةٍ
و لا الوردُ اصطفاكْ
ستجرِبُ الأسفلت
ربما يُضيفُ
طرحاً واقعياً واحداً
جميلاً
فتظَلُّ ماكثاً في
..َضِّيقاً حَرَجاً.
ُمستَنْزَفَاً في لعبة الكمانْ
فاشلاً ترمي بنفسكَ
للفضاءِ
تُصادقُ الملائكَ الذينَ في الأعالي
تُقايضُ العشرينَ مهزلةً و نَيِّفٍ
بكسرة القصيد
تَسْتَفْتِحُ السماء
لكنهم لا يأذنون
فلم تزَلْ مِن أهلِ
..َضِّيقاً حَرَجاً..
ُمكَوَّمَاً في علبة الكمان
آهِ لو أنِّي قرأتُ البحرَ
ُزرقتَهُ
و أسرار المحارِ
الحورُ
و الجنُ الذين ُيلَقِّنُون الشِعْرَ
ربما كنتُ استَضَفْتُ البَحْرَ
في ُلغتي
أطَعِّمُها بنكهته الفريدة
البحرُ يا اللهُ يحتكرُ القصيد
و يزدريني
شاسعٌ قَفر المسافةِ
بين قلبي و القصيدة ِ
و الكمانْ...
لم يعد يكفي الكمان
-1-
يا للندى ! !
يتفجَّرُ الحلم المريضُ
بتربةِ الفرحِ العقيمة ِ
يستطيلُ
هيَ
الندى
همسٌ تَقَدَّسَ نَايـُهُ
و براءةٌ كالمستحيلِ
تجوبُ أوردتي
فتبعثُ في سماواتي
نبياً يستعيد النهرَ
من رملِ احتراقاتي
أكان الوقتُ صحراء ؟
أكان العمرُ تنوراً عتيقاً تمرحُ الأشباحُ فيهِ ؟
أكانَ الجدْبُ يَسكُنُني؟
أكانْ .......؟؟
يا للندى ! !
قلبٌ بحجمِ الريحِ في وجهي
يُشيرُ إليَّ
أَنْ أَقْبـِلْ ،
أنا ... أنتَ
الذي قد تاهَ
منذُ
"....الريحُ فِي
قلب ٌ
بعمرِ تََكَدُّسِ النكساتِ
بين الجلدِ و الأوهام ِ
يخشى العشق يا اللهُ
يفزعُ مِن ملائكةٍ
تسافرُ بينَ عينيها
تمارسُ سِحرَهَا العسليَّ
يا...
يا للندى ! !
شمسٌ تنزَّي
مِن أنامِلِها
فراديساً تُتَرْجِمُ جُثة الضوءِ الكسيحِ
إلى طُفولتِهِ البهيةْ
يا للندى ! !
ُسْبحانَ من أسرى بآي الضَّوْءِ
من حُلمي إلى شفتيكِ
فافتتحت تلاوتُها المباركةُ الزمانْ ..
هكذا اقْتَنَصَتْكَ قُبلةُ الندى
أرْدَتْكَ عاشِقاً
و تَفَجَّرَتْ شُهبا ً
على عِشرين مومياء و نَيِّفٍ
و هكذا
خَلَعَتْ عَلَيْكَ عُمْرَهَا الملَكَيَّ
حتى تصطفي القلبَ المضرَّجَ
بابتسامتها النَبـِيَّةِ
َسيداً ليمام عينيها
الوَقْتُ ..
فِردَوسٌ
ُيبَخِّرُ جثة الصحراءِ
ينفيها لمثواها
فينساها التذكرُ
تلكَ مُعجزة الندى
حينَ ابتدا طقسَ التنزُّلِِ
إذ تَشَكَّلَ هَمْسةً /
مَلَكاً سوياً
يَنفخُ الروح النديَّةَ في بَوَارِي
تستفيقُ قَصيدتي على الصليبِ
تُرفع للسماوات الدُنا
تَصطادُ ما قد فرَّ مِن صهد الأنين
تبثه في لوحة التكوين
تصهرهُ
تلونهُ
تعذبه ُ
فتخلقه كمثل الشعرِ
أغنية يهادنها البلى
و مدارس النقادِ
و الأحقادُ
و الصبحُ المهددُ بالزوال
((...هنالك قالت الأشباح
آمَنــَّا
و خرَّتْ سُجَّدَاً
في ساحة القلب الذي اندلع احتفالاً
من ندى
يا للنَّدى ! !
اللهُ يشهدُنا
و يصدِّقُ أحلامنا
و يسامحُ أخطاء لهفتِنا
تحتَ ظلِّ الحنان السماويِّ
هذا الحضورُ المقدَّسُ من حولنا
يُفعِمُ الوقتَ بالضوءِ
و الضوءَ بالدفءِ
و الأُمنياتْ
آنَسْتُ نُوراً
يشاهدُ صِدْقَ انفجاري
نافورةً مِن تَوَرُّدِ خَدَّيكِ
حين أُمزِّقُ وجهَ السكونِ
" أُحِبُكِ "
يااروعة الأحرف البضَّةِ البكرِ
كيف تُراقينَ خَمْراً خلال أناملنا
تولدينَ على شَفَتيْنا بغير عناءٍ
تسبيحةً من نقاءٍ
في قلب طفلين ذاقا عصيرَ السماءِ
لأولِ مرةْ
" أحبكَ "
ألفُ انفجارٍ من الياسمين
يُسَبِّحُ باِسْمِ حَنانِكَ يا ربُ
يا ربُ لا تخذُلِ الحُلمَ
إذ لم يكن من سواكَ
جنون الطيور التي في الصدور
يا ربُ
إنَّا نحبُ
نحب..ُ
نحبك يا ربُ
فاغفر لنا أننا قد غَرَفنا
من سُكَّر العشق
تسبيحةً
في عناق الأنامل
-2-
قيل أنكِ تملكينَ البحرَ وحدكِ
قيل أن البحرَ أسمرْ
أنه خَمرٌ
و سِرٌ عامرٌ بالشهدِ
أن البحرَ مملكةٌ محرمةٌ
و حورٌ يحتكرنَ السحرَ
و الياقوتَ و المرجانْ
ما أقساكِِ
كان البحر كل الوقت
في عينيكِ مختبئاً
ووحدي في محيط الرملِ
أستافُ الغبارَ و تُبصرين
و تَسكُتين ؟؟
الآن يخطِفُكِ السحابُ
و أنتِ ناموسُ التنفُّسِ و القصيد
على وريدي إثر أُنملكِ الشريفِ
لم يزل يَهُزُّه
لينفُضَ الأسفلتَ و الكمان ...
ألا تؤجَّلُكِ السَّحَابةُ
ريثَمَا تُبَارِكِين في دمي
قصيدةً جديدةً
لم تقتبسْ من ماءِ روحكِ ُقبلة الصباحِ بعد
ألا ُتخلِّيكِ السَحَابةُ ؟؟
لستُ أحتملُ الهواء َ
مثقلاً بخوائه مِن الندى
و بالصقيعِ
لستُ أحتملُ الهواءَ
زاعقاً في فجوة الروحِ
التي علِقَتْ بأهدابِ السحاب .
ُمتَجمِّدٌ
في
.. َضِّيقاً حَرَجاً..
و باهظٌ ثِقَلِي المبللُ بالخواء
الرمل يفترش الهــواء
فأدركيـني
كلُّ هذا الضِيقِ يفترسُ احتمالي
أدركـيني
يا لمقدسة / الندى
فإنني حدائقٌ
لا تنبغي إلا لوجهكِ
إنني..
عشرون بستاناً و نيفٍ
ُيصحِّرُهَا افْتِقَادُك
أدركيـني
علميني معجماً
يستوعب الحلم الجنوني
بلا تحيزٍ مُسَّبَقٍ
و دون واقعيةٍ
فالمرجفون من المدينة
يخبزون الملحَ
في جلدي
لأبدأ سيرتي
من مولد الـ"جات"
و حتى مقتلي
في فتنة الدجال
علميني البحر
يالماءُ المنزه عن ملوحتهم
فإني هدَّني الناسوتُ
و الأسفلتُ
و الملح الحكوميُّ المعبأُ بالفشلْ
جُند ُالبرودة ِقادمونَ
فـزمِّليني
زمِّليني
دثِّري بالبحر ذاكرتي
فسوف يداهمون تَوَرٌّدَ الكفَّينِ
بالثلجِ المشعّ
هاتي يديك ُنجرِّفُ الأسفلتَ
عن صدر الأغاني العاطفيةِ
سوف ننتظر المسيح
مدجَّجَيْنِ برحمة الله
و شاكرَيْنِِ للحظةٍ حَفِظَتْ :
أوار تفجُّري بالياسمين/
القبلة الأولى لكفَّينا/ " أحبك "
أدركيني
بلادي..
بلادي..
تؤول إليك المحبةُ
تأوي إليك النجومُ
و ينبعُ منكِ العسل.
بلادي :
ُمعاديةٌ كلُ جدرانِ بيتي
و سكانه الصالحونَ جيوشٌ
ُتقدِّسُ أوطانَهَا في المنامِ
و تلعنُني في الصباحِ الحوائطُ
مثقوبةً بالرشاوى
ُتحل اقتحامٍَ العواصفِ زنزانتي ..
لعواصف تركلني في الجدار
لأني أحبك
(مجاناً)
و أحلمُ
(مجاناً)
و أُحاصرُ
(مجاناً)
في بلادٍ مناوئةٍ للربيعِ
ُخذيني
فُكلُّ البِلادِ
التي لم تقُم تحتَ جَفنيكِ
غُربةْ
ُخذيني
فكلُّ الحقولِ التي سمَّدتْهَا الطُفولة ُ
كلُ البلادِ التي أرضَعتْني مَشيئَتَها
تستعيدُ محاصيلها من خلايايٍَ
تَنبتُ أشجارُها بالزنازِنٍِ
في حضن أمي التي درَّبَتْني
على مَقتِها
ثم دقَّتْ جبيني
بوَشم الجُحودْ
بلادي ...
بلادي ...
يئولُ إليَّ افتقادكِ
يأوي إليَّ التشردُ
ينبعُ مني الفشلْ
بلادي
ُخذيني