الخُروجُ..من النَّدى - أحمد البربري

- 1-
يَهيمُ وحيداً
بـِشِـلْوٍ من الليلِ
يغمِسُ خطوتهُ
ثم يجتُرها
ناشباً في ُلحاء الظلام
حوائطُ لا تنتهي
من عنادِ الفيافي
تركضُ في وجهِهِ
حيثُ لا يملِكُ الالتفاتَ
ليجمعَ أبعاضهُ
أو لينعى أضلاعهُ
كنستها الرياحُ
و لما توقَّدُ منها القصيدةْ
من ألف يوم ٍ
كان ببستانها
يتعلمُ ماهيَّةَ الابتسامِ
و صيرورةَ الحلمِ
لو يتماهى مع الممكناتْ
كانت تغني
فيفرشُ في كفِّها
عمرَهُ
و يقيم الصلاةَ
تخفُ بهِ الروح ُ
تغشاهُ غيبوبةُ الوردِ
يقذفهُ موجُها
رقصُ أهدابِها
في معارجَ
من سرِ أسرارِ حرف
" الندى"
- 2-
تعبتُ
ألف يومٍ
من مطاردتي فراشةً
في نفس لونِ الحلمِ
شالُ الروحِ مشتبكٌ بها
غادرُتني
و اعتَدتُ أن أغيبَ خارجي
ُمطوِحاً إيَّايَ
نيزكاً مشرَّداً
بين الكواكبْ
لا اللهُ يسكبُ ماءَ جنتِهِ على قلبي
و لا مدارٌ همَّ باستضافتي
لأرتاحَ قليلاً
و لا أناملٌ خاضَتْ محيطَ جبهتي
كاشطةً مستنقعَ النصبْ
أتعرفينَ :
اعتَدتُ أن أغيبَ خارجي
لأنني مِن ألفِ يومٍ
ما وجدتُني
و لم أجِدْ أحداً يُعرِّفُني إليَّ
مصالحاً بيني
و بيَن الجثةِ التي نُسِبَتْ إليَّ
لا ملائكةٌ
و لا صحبٌ شموعْ
من ذا يُطهِّرُ ما تخثَّر
من حليبِ الروحُ
يكشفُ عن تفاصيلي و أحوالي ،
صفاتي ، صورتي،
صوتي
و عاداتي ،
قصائدي ،
صلاتي
نكهةُ البكاءِ
و النَّدى
غادرتُني
مؤيداً جميع قوى الطبيعةِ
في كراهيتي
صرتُ أرهبُني كثيراً
صرتُ أخشى رد فعلي
لو يعاودني انتمائي
لو وجدتُني يوماً أحومُ حولي
لو تجرأت ُ
طرقتُ بابَ روحي
إن وجدتُهُا
و لستِ أنت ِ خلفهُ لتفتحي
و تفرشي لرأسي المكدودِ
أغنيةً أموتُ فوقها
- 3-
ناشدتُك الله َ
إذا صادفتِهِ يوماً
إذا ما دقَّ بابَكِ زائغَ العينين ، أشعثاً
بألا تقتليه
لا تفزعي منه
و لا تروعيه
تعرَّفيهِ ..
هل تصدقينَ أنه الذي هو ..
أنت أمهُ ، و بيتهُ
و لبُه الخابي
و عمرهُ المــراق ؟؟
لا تخافي
حاولي
و عانقيهِ
- مرةً أخيرةً
أولى -
تشمَّمِيهِ ، قبِّلي جبينهُ
ووسِّدِيهِ راحتيكِ
جفَّفي دموعهُ ..
و غسِّلــيه
( ُتلاحظين ..
عيناهُ ما تزالُ فيهِما
ثمالة الحنانْ
و لمعةٌ قديمةٌ تشقَّقَتْ فيها عواملُ الدفءِ
و أسبابُ البراءةِ )
هل عرفتهِ ؟؟
هو فارس الحلم المشونٍ
في رفوف الأمس
بعد فتَكَتْ بـِهِ عقليةُ الموظفِ الخصيِّ
تلوُّثُ العملِ الثقافيِّ
التحولُ لاقتصادِ السوقِ
باعتهُ القبيلةُ
و استرَّقتهُ السواقي
علَّهُ يفدي دموعَكِ
بـ " العصافيِرِ المائةٍْ "
ناشدتُّكِ الله
إذا لقيتِهِ
أن ُتخبريني