ألا لا أرى في مصر إلا دعاويا - أحمد محرم

ألا لا أرى في مصر إلا دعاويا
وإلا صدى ً يشجي الرياح الذواريا

أرى همماً يعصفن بالنجم رفعة ً
وهن جثي ما رفعن النواصيا

أرى شيماً تفني الأماديح كلها
وما برحت تملي علي الأهاجيا

أرى ذمماً ينسين في الدهر من وفى
ويولعن بالغدر الذئاب الضواريا

أرى أمة ً لا يخطئ المجد سعيها
ولكنها لا تستطيع المساعيا

ولولا رجالٌ جاهدوا لبقائها
لما تركت منها يد الدهر باقيا

أولئك رواد الحياة رمت بهم
مطايا المنى في الخافقين المراميا

ينادون في الأقطار إنا نريدها
حياة ً ترد النيل ريان صافيا

فلسنا حماة النيل حتى نعزه
وحتى نرى ملك الكنانة عاليا

أنتركها للغاصبين ونبتغي
لنا وطناً فوق البسيطة ثانيا

غضبنا لمصر غضبة ً ما نردها
إلى أن نرى المختار في القبر راضيا

فلسنا ذويه إن أضعنا تراثه
ولسنا بينها إن أطعنا الأعاديا

أنمسي عبيداً يملكون نفوسنا
وأموالنا من دوننا والذراريا

أما يسألون الدهر إذ نحن أمة ٌ
نسوس الورى ساداته والمواليا

رفعنا على هام الممالك حكمنا
فكان لها تاجاً من العدل غاليا

أفالآن لما غير الدهر عهده
يريد الأعادي أن نطيل التغاضيا

سينسف بغي القوم شامخ عزنا
إذا نسف الوهم الجبال الرواسيا

درجنا على أنا لا نكون أعزة ً
نصول فنجتاح العدو المناويا

ندين بألا تستباح بلادنا
وألا نرى فيها مدى الدهر غازيا

ولن يقضي الإنسان حق بلاده
إذا هو لم يبذل لها النفس فاديا

شغفنا بوادي النيل إذ نحن أهله
فأحبب بنا أهلاً وبالنيل واديا

أما ودموع المدعين به الهوى
لقد كدن يضحكن القلوب البواكيا

ألحت تباريح الغرام فميزت
أخا الصدق منا والدعي المرائيا

جزى الله في ذات الإله جهادنا
وروح هاتيك النفوس العوانيا

ألا إنه خير مثيبا وجازياً
ولن يخذل الهدام من كان بانيا