الهابطون والصاعدون - جابر قميحة

إلى السادة الكبار.. الهابطين الساقطين.. الذين هانوا..

واستسلموا.. وباعوا.. وسلموا.. فما ربحت تجارتهم..

وما كانوا مهتدين، وإلى الأبطال الصامدين الصاعدين الذين باعوا أنفسهم لله في فلسطين وجنوب لبنان،

فمنهم مَن قضى نحبه، ومنهم مَن ينتظر، وما بدلوا تبديلاً.

* * *

أيها الهابطون من قمةِ المجْـ
ـدِ عليهم من الهوانِ غبارُ

قدْ عَدَاهمْ من اللهاثِ شُموخٌ
وإبـاءٌ وحـكمـةٌ ووقـارُ

تُسْرِعون الخُطا كمثلِ قطيعٍ
مُلْهَبِ الظهرِ سـاقهُ الجزَارُ

نحو مستنقعٍ ذليلٍ حقيرٍ
مِلْؤُهُ الطينُ والهوى والخَسارُ

بَيدَ أنِي أراكَمُو في ابتهاجٍ
" وعلى الوجهِ منُكمُ استبشارُ

ليس مستنقعًا، ولكنْ رياضٌ
مِلْؤُها الخيرُ والغنَى والثمارُ

حيثُ نرعَى أبناءَ عمٍّ أرادوا
أنْ يُراعَى سلامُنا والجوار"

قلتُ "بُؤساكمُو، السلامُ التزامٌ
لا كلامٌ وخـدعةٌ وضِـرار

كيف للأرنب البريءِ سلامٌ
حينَ يُملِيه ثعـلبٌ مكـارٌ

مِنْ ضحاياه كرمُها والرَّوابي
وثِمارُ الزيتونِ.. والأطيارُ؟

* * *

لا تقولُوا "مُقَابلُ السَّلمِ أرضٌ"
فعجيبٌ يكونُ للـصِّ دارُ!!

بينما المالكون في التيهِ صَرْعَى
لا منامٌ، لا عـودةٌ، لا خيارُ

أينَ؟ لا أينَ، فالمَسَار سوادٌ
ليْسَ إلا الأنيـابُ والأظفـار

لا تقولُوا "مقابلُ السلْمِ أرضٌ"
إنما الأرضُ عِرضنا والذِّمارُ

هي فينا دماؤُنا وهوانا
وهْيَ نبضُ القلوبِ والأبصارُ

هي "وقفُ الإسلام" عاشتْ وعشنا
وعليـها مـن الإباءِ الغَارُ

هي "وقفُ الإسلام" نحمي حِماها
ولِمَنْ رَامَها بسـوءٍ دمـارُ

* * *

أيها الهابطون من قمةِ المجـ
ـدِ، وحاديكُمْ في الهوانِ العارُ

إن ما بِعْتُمُو عزيزٌ نفيسٌ
بحقــير "مقـاسُـه أمتـارُ"

وعلى رأسِكم من اللصِّ سيفٌ
"نَفِّذُوا الأمْرَ أو هُـو البتـارُ"

قلتُ "فليرحم الإلهُ حُنَيْنًا"
فَلِخُفَّيْهِ قيمـةٌ.. واعتبـارُ"!!

كيفَ تهوُون والجدودُ خيارٌ
من خِيـارٍ نَمتْهُمُو أَخْيـارُ؟

كيف تهوُون والبطولاتُ فيكمْ
من قديمٍ سـطورُها أَنـوارُ؟

كانَ في سِفْرِنا المضيء رجالٌ
وهُو اليـومَ كـله أَصْفـارُ

كانَ في سِفْرِنا بلالٌ وسعدٌ
والمُثنَّـى وجعـفرُ الطيـارُ

وصُهَيْبٌ وخالدٌ وسعيدٌ
وعليٌّ والصفـوةُ الأطهـارُ

كيف هنتم وفي الهوان ضياعٌ
وانهيـارٌ وسُـبةٌ.. وبَوَارُ؟

كيف والدينُ أن تكون المنايا
كالحـاتٍ ولا يكون انحدارُ؟

كيف والدينُ أن تُراق دمانا
في سماحٍ ولا يموتُ النهارُ؟

فإذا ما استُبيح للحقِّ عرضٌ
فَهِيَ النـارُ واللظَّى المَوَّارُ

أيها الساقطونَ في حَمْأةِ الذل
حـرامُ فغيرُكُم لا يُضارُ!!

* * *

انظروا "السامري" يزهو سعيدًا
" ربه العجْلُ والهوى والنضارُ

وسلومَى" الرعناء ترقصُ جذلى
فيميـل الأنطـاعُ والسمـارُ

همها الفذُّ رأسُ "يحيى" عطاء
وليكن ما يكون أو ما يُثـارُ

* * *

يا رسولَ الهدى "محمدًا" عفوًا
لم يعُدْ في حيــاتنا أعـذارُ

أرضُ مسراك قد سباها الأعادي
وتـولى أمــورَها الفُجَّـارُ

يا رسولَ الجهادِ والحقِّ إنا
سِـفْرنا اليوم ذِلةٌ وانكسـارُ

والهوانُ المريرُ يغشى رؤانا
وانتكاسُ الشعـور فينا شِعارُ

كيف نلقاك يا محمدُ يومًا
لا تُوارَى فـي طيِّه أسـرارُ؟

هل نُداري وجوهَنا خشيةَ العار؟
وهيهات فالحسـاب جهـار

غير أنَّ العزاءَ أنَّ رجالاً
في جنوبِ لبنان هبوا وثاروا

عاهدوا الله أن يكونوا لهيبًا
كي يسودَ الأطهارُ والأحرارُ

إن تسل عن شعارهم فهْو نارٌ
وصواريخ، يا لنعم الشعارُ!!

زرعوا الرعبَ في قلوبِ الأعادي
فثوى ليلهم وعـزَّ النهـارُ

لم تُجِرْهم مخابئ وحصون
أو حماهم من المنايا فـرارُ

لم تسعهم من المخاوفِ دارٌ
فجفاهم منـامهم والقـرارُ

يا كبارَ المقامِ عفوًا تنحَّوْا
فبكم حلَّ في البـلادِ العـارُ

أنتمو بعدها لبوشٍ مطايا
و"لأولمْرْتَ" أضحوكةٌ وانحدارُ

وأهنتم شُعوبكم فأُهنتم
وطـواكم من العـدو احتقارُ

من يهن يسهل الهوانُ عليه
ما لجـرحٍ بميتٍ إضــرارُ

فاتركوا الأمرَ للمقاومِ يمضي
فبكـفيه حلـها والقــرارُ

ليس في" الشرم والكويز" نجاةٌ
و"الطريق" اللعين فيه البوارُ

لا تظنوا "الكويز" يفتح بابًا
منه يأتي لنا الغنى المـدرارُ

هو بابٌ لسيطرات الأعادي
فيه ذلٌّ وضيـعةٌ وخســارُ

وغدًا تُصبح الكنانة مرعى
يعتليها اليـهودُ والفجــارُ

* * *

يا كبارَ المقامِ عفوًا تنحوا
فبكم حـلَّ بالبـلادِ الدمـارُ

ورجال القسَّام نارٌ وعصف
بالجهاد المرير هبوا وثـاروا

يجعلون الأنفاقَ بركانَ موتٍ
وبأيديهـمو سـيهوي الجدارُ

يا رجال الجنوب من فتيةِ الله
وألـغامـكم لظى وانتصـارُ

أنتمو- بالجهاد- والفتية الأحـ
ـرار من "حماسٍ" عُلاً وفخارُ

وأنادي الأطفال في ساحةِ الهول
أيا أيـها الصغـارُ "الكبـارُ"

يا صغار الخليل والمسجد الأقـ
ـصى ونابُلْسَ أنتمو الكُـرارُ

أنتمو اليوم بالجهاد كبار
بُوركت كفكم بـها الأحجـارُ

هي للهدم.. والبناءِ أساسٌ
ونداها النيـرانُ والأنــوارُ

من ثنايا الآلامِ جئتم نذيرًا
من صَداهُ قد زلزل الأشـرارُ

من ضياءِ المحرابِ جئتم بشيرًا
سوف يتلوه فجرُنا المِعْطـارُ

وتعودُ الطيورُ للروض نَشْوَى
وتعودُ الديارُ.. والأمصـارُ