الغريب - جمال مرسي

" قراءة جديدة لوجه القمر "

و غريبٍ في ظلمةِ الليل يشكو
ما دهاهُ من وحدةٍ واغترابِ

لاحَ للعينِ مشرقاً و منيراً
وهْوَ يشكو من صخرِهِ و الهضابِ

تَحسَبُ الأرضُ أنهُ في عُلاهُ
قد نأى عن مخالبٍ و ذئابِ

و عيونٍ ترنو بنظرةِ حقدٍ
و أيادٍ تُلقي سهامَ عتابِ

قلتُ يا بدرُ .. و المناجاةُ تحلو ..
و دموعي تكاد تفضح ما بي:

لم تزل مُلهمَ الأديبِ فنوناً
و معينَ الساري و حارس بابي

لم تبُحْ يوماً مُذ خُلِقْتَ بِسِرٍّ
قلتُهُ في ملالتي و اكتئابي

ترمقُ الأرض شامخاً ، لا تُبالي
عاشَ هذا ، أو راحَ ذا في الترابِ

تختفي أحياناً ، و تطلعُ أخرى
سائلاً عن أحوالنا في الغيابِ

فترانا من حزننا في وجومٍ
قد غرقنا في حَيرةٍ و اضطرابِ

نحنُ أهلُ الأرضِ المساكينُ عشنا
في صراعٍ ، كأنَّنا أهلُ غابِ

ينهشُ القادرُ الضعيفَ جهاراً
ويُريقُ الدِّما بكأسِ الشرابِ

أيها البدرُ أنت أحسنُ حالاً
من بني الأرض رغم كلِّ الصِّعابِ

فاحمدِ اللهَ أن خُلِقْتَ أنيقاً
و فتيّاً في عُنفوانِ الشبابِ

مُشرقاً في السما ، و لم تكُ إنساً
ذا نُيوبٍ قواطعٍ و حِرابِ

****

نظر البدرُ مُشفقاً ، و توارى
صامتاً في العلياءِ خَلفَ سحابِ

غابَ ، والقلبُ لم يزل يتلظى
من شقاءٍ في غربتي و عذابِ