الضادية - جمال مرسي

دعي شِعري يفيضُ اليومَ سِحراً
فإني عن قريبٍ سوف أمضي

أعيشُ اليومَ بينكمُ غريباً
و أكثرَ غربةً إنْ غابَ نبضي

و أرضٍ سوف تحملني إليها
أَكُفُّ الموتِ.. فرداً ..غيرِ أرضي

كرهتُ لها سبيلاً ، غير أني
لها ماضٍ برغمي حين أقضي

أُساكِنُ أهلَها ، ما من مغيثٍ
سوى الأعمالِ من نفلٍ و فرضِ

و يخبو ضوءُ مِصباحي بأرضٍ
ضَرَبتُ سهولَها طولاً بعرضِ

فما نالت يميني غيرَ رزقٍ
يُقَدِّرُهُ الذي بالعدلِ يَقضي

سُليمَى : إنَّ للذكرى شجوناً
كما في البرقِ من نورٍ و ومضِ

و أشرعةً تُحلِّق في خيالي
لها التّحنانُ مهما كان رفضي

فإن غَرَبَت شموسي فاذكريني
بقولٍ كاخضرارِ الروضِ غضِّ

و صُونِي يا ابنةَ القَمَرَينِ عهداً
لقلبينا ، نُسِرُّ بِهِ و نُفضي

يُؤرجحنا الزمانُ فلا نبالي
بما يُبديهِ من رفعٍ و خفضِ

هِيَ الخمسونَ تُقبلُ في هدوءٍ
و تنثرُ فُلَّها الغافي بروضي

كأنِّي .. بعدما كنتُ اتقاداً ..
رمادٌ من دمٍ حرٍّ و نبضِ

أفتش فِيَّ عنِّي لا أراني
سوى بعضٍ تراكم فوق بعضِ

و طفلٍ يرتدي ثوبي كبيراً
أُسامِحُهُ و عن أخطاه أُغضي

و ألبسُ ثوبَهُ فيفيضُ دمعاً
و يملأُ من دموعِ الحُبِّ فيضي

و أنزعهُ فأُبصرُني سراباً
وراءَ خيالِهِ سَيري و ركضي

يؤانس وحشتي فيهِ فؤادٌ
نقيٌ غيرُ مسكونٍ ببُغضِ

لعلي يوم ألقى اللهَ فرداً
أُكافَأ بالذي يُغنِي و يُرضِي