أنا .. و ابنتي لما نجحت - جمال مرسي

جاءت إليّ مهرولةْ .
و البِشْرُ يغمر مقلتيها .
و الوردُ بالفرشاةِ يكتبُ لونَهُ ..
في وجنتيها .
و حدائقُ الرُّمّانِ كانت ترتوي ..
من نهر فرحتها الذي يجري على خدِّ الصغيرةْ .
عصفورةٌ خضراءُ حطَّت فوق هاتيكَ الضفيرة .
قِمريةٌ سَكَبت أهازيجَ الصباحِ بمِسمعي
لَعِبَت معي
أكلت معي
شَرِبَت حليبَ الفجرِ شهداً . .
و ارتمت في أضلعي .
أنفاسها متسارعةْ .
و النورُ يشرق من محياها كشمسٍ ساطعةْ .
ليضيءَ لي كلَّ الجهاتِ الأربعة .
قالت أبي :
هاكَ الشهادةَ ، قد نجحتُ و مرّ عامْ .
ما خابَ ظَنُّكَ فيَّ حينَ رَجَوْتَنِي الأُولى ..
و حققتُ المرامْ .
أنا في الحسابِ أجبتُ أصعبَ مسألةْ .
لمّا سُئلتُ عن القضيةِ يا أبي ..
ببراءةِ الأطفال قُلتُ: الحلُ يأتي ربما
في ألف عامْ .
هم ضيَّعوا وقتاً طويلاً في محاورة اللئامْ .
و الحل يكمنُ في الحسامْ .
و صَمَتُّ حين سُئلتُ كالبسطاء من قومي ..
أنحيا في سلامْ ؟
فلقد رأيتُ الصمتَ يا أبتاهُ .. أبلغَ من كلام .
و أنا أرى الأطفالَ مثلي يُذبحونَ
بكل أرضٍ مسلمةْ .
و يُحَرَّقونَ لكي تعيشَ العولَمةْ .
و سُئلتُ عن لغتي فقلت اُستُبدِلَتْ
بالإنجليزي ، و الفرنسي
و اللغاتِ الغابرةْ
لكنني ما كنتُ أنسى أنها لغةُ الكتابِ الآسرةْ.
أحببتها
أحببتُ مبتدأي و أحببتُ الخبرْ.
و عشقت حسانَ بن ثابتَ و الفرزدقَ و ابن زيدونَ الأغَرْ .
و مسحتُ بالممحاةِ كل محاولةْ .
للنيلِ من لغةٍ أضاءت في الحنايا كالقمر .
أَسُرِرتَ يا أبتي ؟
ألستُ برائعةْ ؟
أوَ لم تكن كلُّ الإجابة مقنعةْ ؟
أنا لن أُغَيِّرُ ما كتبتُ إذا بلغتُ الجامعةْ ؟
***
سَأَلَتْ ، و خلَّتني غريقاً ..
في خِضَمِّ الأسئلةْ
مُتعجباً أنْ كان من صُلبي أنا ..
هذي الفتاةُ المذهلةْ .