أَعِرْنِي مِسْمَعاً - جمال مرسي

أَعِرْنِي مِسْمَعاً ، و اْسمَعْ شَكاتِي
و كَفْكِفْ أَدْمُعاً لي سَائِباتِ

فَمَا تَوْدِيعُ أحبابي يَسِيرٌ
و قد أَسْكَنْتُهُمْ أَعماقَ ذاتِي

و رِيمٍ قَدْ تَرَعْرَعَ في الحنايا
عَرَفْتُ بِقُرْبِهِ صَفْوَ الحياةِ

رأيتُ بعيْنِهِ الدُّنْيا رَبِيعاً
و كانتْ كالقِفارِ المُوحِشاتِ

بَلَوْتُ مشاعري ، فرأيتُ أَنِّي
بلا عيْنيْهِ أدنو من مَمَاتي

كأنِّي غارقٌ في بحرِ يأسي
و في يُمناهُ أطواقُ النجاةِ

سأهربُ.. رُبَّما..لَكِنْ إليْهِ
و أركِزُ في حديقَتِهِ رُفاتي

أموتُ ، فَيَمَّحِي جِسْمِي و رَسْمِي
و تَبْقَى مُشْرِقَاتٍ ذِكْرياتي

تَلألأُ في نَوَادِيكُمْ كَبَدْرٍ
و تَطْرُقُ كالنُّجومِ السَّاطِعاتٍِ

و تَبْقَى بينكُمْ رُوحِي كَطِفلٍ
تَنَعَّمَ في أريجِ النَّرْجِساتِ

أنا ما غِبْتُ عنكمْ عن قُصُورٍ
و لَكِنْ عاتَبَتْ قَلَمِي دواتي

أُراجِعُ سِفرَ عُمري كلَّ يومٍ
أُقَلِّبُهُ على كُلِّ الجِهاتِ

و أسألُ في الحوادِثِ أينَ سيفي
تَثَلَّمَ ؟ أَمْ غدا في مُهمَلاتي ؟

و أينَ يراعتي ؟ يا ويحَ نفسي
أأنسى أُمَّتي في الحادِثاتِ ؟

و هل مِثلُ اليراعةِ مِنْ سِلاحٍ
إذا ما أَغْرَقَتْ سُفُنِي عِداتي ؟

و وَلَّتْ دُبْرَها في الحَرْبِ خَيْلي
و طاشَتْ عن مَرَامِيهَا قَنَاتِي

لِمَنْ أُبْدِي عنِ التقصيرِ عُذري
و ذَنْبِي فَاقَ كُلَّ تَصَوُّراتي ؟

لِبَغْدادَ التي سَكَنَتْ عُيوني
فَأَدْمَتْ مُقْلَتِي جُندُ الغُزاةِ ؟

أَمِ الفلُّوجَةِ العذراءِ ، نادتْ
فَما وَجَدَتْ سِوَى سيفِ الجُناةِ ؟

و هلْ سَيُسَامِحُ الأقصى مُحِبَّاً
أسيراً للعُيونِ الناعساتِ ؟

غَدَوْتُ و قَدْ لَبِسْتُ ثيابَ غربٍ
كقومي ، عارياً ضمنَ العُراةِ

ظَمِئْتُ فَجَرَّعوُنِي كأسَ صَمْتِي
و ثُرْتُ ، فَغَيَّبوا بِمُخَدِّراتِ

طَوانِي الجُوعُ ، أُلْقِمْتُ المنايا
فألجأتُ الجُفُونَ إلى السُّباتِ

ألا مَنْ يوقِظُ الأحلامَ عِندي
و يسعى كيْ يُحَقِّقَ أُمْنياتي

و يُنْقِذَنِي إذا أَحْرَقْتُ أمسي
بنارِ الوهمِ في برْدِ الشتاتِ

أناْ العَرَبِيُّ ، تاريخي مجيدٌ
و تَشْهَدُ ما حَوَتْهُ مُجَلَّداتي

و لِيْ لُغَةٌ ، بديعُ الحرفِ فيها
هيَ المِشكاةُ في ليلِ السُّراةِ

أنا العَرَبِيُّ ، إِنْجَازِي عظيمٌ
سَلُوُهُمْ إنْ جَهلْتُمْ مُنْجَزاتي

سَلُوا بَلَدَ الوليدِ ، سَلُوا أثينا
سَلُوا الحمراءَ عن مجدِ الأُباةِ

أناْ العَرَبِيُّ ، تجري في عُروقِي
دِماءُ الطُّهْرِ ، رُغْمَ المُغْرِياتِ

أنا العربيُّ ، مهما أَمْرَكُونِي
حَفَظْتُ مَبَادِئِي و مُسَلَّمَاتي

كِتابُ اللهِ نِبْراسِي ، و نَهْجِي
سبيلُ المُصْطَفى خيرِ الهُداةِ

و شمسُ الحقِّ تُشرِقُ في سمائي
فلا عَجَبٌ إذا كَثُرَتْ غُزاتي

فإنَّ النورَ يَجْذِبُ من تَعامى
عنِ الإيمانِ في ماضٍ و آتِ