أعياد - جمال مرسي

صَبَاحُكِ عيدُ .
و كُلُّ صَبَاحٍ رأيتُكِ فيهِ
و شَقشَقَ عُصفُورُ ثَغرِكِ فوقَ نَوَافِذِ قَلبِي
ليمحُوَ حُزنَ اْغتِرَابِي ،
و يُوقدَ شَمعةَ ليليَ ،
عِيدُ .
و كُلُّ ابتسامةِ شَوقٍ زَرَعتِ بِصَحرَاءِ عُمرِي
و رَوَّيتِها مِن يَنَابِيعِ قَلبِكِ ،
عِيدُ .
و حُبُّكِ عِيدُ .
و قَلبُكِ عِيدُ .
و طِفلُكِ هذا المُدَلَّلُ حينَ ارتدى في صَباحِكِ
ثَوباً جديداً ،
تَوَضَّأ من نُورِ وجهِكِ ،
صلَّى بمحرابِ عَينِكِ ،
مَدَّ إلى كفِّكِ اليَاسَمِينِ شِفاهَ صَدَاهُ
أتاهُ هِلالُكِ
بشَّرَهُ أَنَّ وَجهَكِ عيدُ .
و أَنَّكِ سوفَ تَجُودينَ في العِيدِ أكثرْ .
ستُعطينَهُ مِن رُضَابِكِ سُكَّرْ.
و مِن رَوضةِ الخَدِّ .. يا رَوضَهُ .. اليَاسَمِينَ المُعَطَّرْ .
و بَشَّرَهُ ..
أَنَّهُ سَوفَ يَغفُو بِدَوحَةِ صَدرِكِ
تَرعاهُ تِلكَ الحَمَائِمُ
تَسقِيهِ مِن كَوْثَرٍ في الضُّلُوعِ تَفَجَّرْ .
و تَصنَعُ مِن سُنبلاتِ جَنانِكِ خُبزاً
لِكُلِّ فَقِيرِ
و من خيطِ وَصلِكِ ثَوباً
لكلِّ أسِيرِ
فيأتيهِ مِن بَعدِ أَسرَيْنِ عِيدُ .
و فَرحتُهُ حينَ أَبصَرَ في مُقلَتَيكِ البِلادَ الحَزِينَةَ
تَخلعُ ثَوبَ الحِدادِ
و في الحُلمِ
تَنزِعُ ذُلَّ القِيادِ
و تَبعَثُ مَجدَ الأَوَائلِ ،
عِيدُ .
و حينَ رأى النِّيلَ يَختالُ في كِبرياءٍ
بِكُلِّ الشَّوَارعْ .
و صَوتَ المُؤَذِّنِ في القُدسِ يَعلُو
على صَوتِ كُلِّ ذَلِيلٍ
و خَانِعْ .
و دِجلةَ يَمسحُ دَمعةَ حُزنٍ جَرَت فَوقَ خَدِّكِ ،
عِيدُ .
و شَدوُكِ عِيدُ .
و صَوتُكِ حِينَ يَقولُ " أحبُّكَ " ،
عِيدُ .
و لَمسةُ كَفَّيْكِ
حينَ امتدادِ الفَرَاشَاتِ فَوقَ سَرِيرِ ضِيَائِكِ ،
عِيدُ
و حينَ أَصَاخَ الوُجودُ لِصَوتِ الوَلِيدِ
و زَفَّت عَصافِيرُهُ الخُضرُ
بُشرى اْنبعاثِ الوَضَاءةِ
مِن رَحِمِ النُّورِ ،
عيدُ .
فَيَا رَبَّةَ العِيدِ ،
يا بَهجَةَ العِيدِ :
هَل أَنصَفَتْكِِ القَوَافِي ؟
و ما كانَ شِعرُ المُعَنَّى سِوَى نَبضةٍ
في الفؤادِ الذي حِينَ حَطَّت طُيُورُكِ فَوقَ أَفَانِينِهِ اليَابِسَاتِ
اْمتَطَى صَهوَةَ الحُلمِ
حَيَّاهُ عيدُ ،
و أحياهُ عيدُ .