إحساس شاعر - جمال مرسي

هوَ الشِّعرُ أُزجيهِ قصيداً مُغَرِّدا
على البُعدِ و الأزمانِ يبقى مُخَلَّدا

جَعَلْتُ لهُ اْلجوزاءَ تاجاً يَزِينُهُ
و شمسَ الضُّحى عرشاً و بدرَ الدُّجى رِدا

كَسَوتُ القوافي من حريرِ مودَّتي
و جَرَّدتُها إلا من الحقِّ و الهُدى

فكانت لظىً في النائباتِ و في الوغى
و كانت حماماتٍ إذا السيفُ أُغمِدا

و كانت لأصحابي أزاهيرَ روضةٍ
و جاماً بها جَرَّعتُ أعدائيَ الردى

و ما غابت الأوطانُ عن شِعريَ الذي
نَسَجتُ ، و لا الإحساسُ يوماً تَبَلَّدا

بلادي لها في كُلِّ حرفٍ كتبتُهُ
نصيبٌ ، و في قلبي مكانٌ تَفَرَّدا

إذا ما دَعَتني في عظيمٍ ، وَجَدتُني
لها القلبَ و العينينِ و الروحَ و اليدا

هواها مِدادِي ، نيلُها العذبُ في دمِي
و أنسامُها العطرُ الذي فاحَ في المَدى

فإن لفَّني ليلٌ طويلٌ و غربةٌ
يَلُح وجهُهَا في وحشةِ الليلِ فرقدا

خليليَّ سيرا بي إلى مصرَ ، إنَّها
شفائي من الدَّاءِ الذي فِيَّ عربَدا

فلي في رُباها ذكرياتٌ ، عبيرُها
على البُعدِ فَوَّاحٌ ، و إنْ غِبتُ سرمدا

و لولا يقولُ الحقُّ " فامشوا "، لما نَبَتْ
خُطىً تقطعُ البطحاءَ سهلاً و فدفدا

و لِيْ أصدقاءٌ ما تلاقت جُسومُهُم
و لكِن بأرواحٍ تلاقت على الهُدى

إذا ما ادلَهَمَّتْ نائباتٌ ، وَجَدتُهُمْ
هُمُ المنهلُ الدَّفَّاقُ بالخيرِ و النَّدى

فَسُبحانَ من آخى قلوباً قصيَّةً
على الحُبِّ من غير ِالتِقاءٍ و وحَّدا

***

أنا ما نَظَمتُ الشعرَ أرجو بنظمِهِ
نوالاً ، و لا أُرضي بما قُلتُ سيِّدا

و لكنَّني ترجمتُ إحساسَ شاعرٍ
و عطَّرتُ دنيانا بشعرٍ لهُ صَدى

جعلتُ رضا الرحمنِ همِّي و غايتي
فحققتُ ما أصبو إليهِ مُؤَيَدا