تأمُّلات ما قبل الرحيل - حمزة قناوي

وطنٌ يبايعُ ليلَهُ حتَّى يحيقَ بهِ السواد

وطنٌ تطايرَ كَالرَّمَاد

غّفَت الحقولُ بهِ على أحزانِها

فصَحا على إمحالِها فَرَحُ الحصاد !

هانت دِماءُ بنيهِ في يُسرٍ عليهِ فخَلَّفوهُ لِما أرادَ ..

.. مُشَرَّدي الخطوات في تيه البِلاد

وطنٌ ينام بنوهُ من جوعٍ يُرافِقُ ليلَهُم

والمُتخَمونَ به مضوا يتناهبون حَصادَهُ

سرباً تكاثفَ من جَرَاد

نهرٌ يشُقُّ رُبُوعَهُ مُتَخَايلاً

ويموتُ من ظمأٍ بِهِ الفُقَراءُ ..

.. يمضي النَّهرُ مُتَّشِحاً بأردية الحداد

هَذي هِي الغِربَانُ حامت كي تنوشَ رُفَاتَهُ

هذا هو الليلُ الأخيرُ مضى ليُسدِلَ فوقَهُ

أستارَ ظُلمَتهِ الثقيلة باتِّئاد .

-------------------------------

( 2 )

قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى نِهَايَاتِ الغِياب

حُلمي تُرَنِّحُهُ الفُصُولُ فَمن لَهُ في هذه الأرضِ الجديبة

ترتوي الأحلامُ فيها من ينابيع السراب

قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى اتساعاتِ المَدَى

هذي المفاوزُ خلفَها لاحَ النَّدَى

هذي المدائنُ تستحيلُ إلى خَرَاب !

حُلمي يُبَعثَرُ في المرافيء والمَفَارق والدروب ..

.. تقاسَمَتهُ الريحُ حيث مضت

قدري كما قدرُ السحاب

وقتٌ يُلَوِّحُ للرحيل عن الجذورِ إلى الغمام

بلا إياب .

------------------------------

( 3 )

عيدٌ بأيةِ حالٍ عُــدتَ يا عيــدُ
بما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُ

صَمَتَ الرِّجالُ بِها أَذِلُّهُمُ الأسـى
مَلَكَت مَقَاليدَهَا الغيدُ الأمالـيدُ

نيلٌ يفيضُ على وديانها مُتَدَفِّقَا
ويجفُّ فوقَ ثراها الضِّرعُ والعودُ

ظَلَمَ الولاةُ بها الجِيَاعَ وأَغلَقُوا
آذَانَهُم عَنـْهُم حَتَّى وإن نُودُوا

هل يُقبِلُ العدلُ الشريدُ لأرضِها
أم يستبِدُّ به نَفيٌ وتشريــدُ ؟

ناديتُ يا مِصرَ حتَّامَ الرشادُ هُنا
مُستَعبَدٌ أبَداً والجورُ معبـودُ ؟

يتوارثُ الفُقَراءُ جوعاً عبرَ أزمنةٍ
يقتاتهم فيـها هَمٌّ وتسهيــدُ

-----------------------------

عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟

-----------------------------

عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟