الحزن 2 - حمزة قناوي

يا رِفقَتِي جَاءَ الصَّبَاح
جاءَ الصباحُ ولا يزالُ فؤاديَ المكلوم يسكُنهُ الظلامْ
لا الضوءَ أورَثَهُ السلامْ
لا هدأةَ الفَجرَ النديِّ حَبَتْهُ بالبِشْرِ المُدَثَّرِ بالوِئَامْ
لكنَّهُ قد ظَلَّ في أحزانِهِ الغَرقَي هُناك
كأنَّما سكنت به من ألف عامْ
حُزني ثَقيْلٌ مُتْعَسٌ يا أصدِقاءْ
يأتي كَأَنَّ جهنَّماً أَلقَت بهِ من قاعِهَا
في ريحِ وقدتِها السَّموم
الحُزنُ يُقبِلُ والهموم
.. لا تبتغي إلاَّ الفؤادَ لها مرام
وبرغم أني أعبُرُ اليومَ الكئيب على جسورِ الوقت حتى ينتهي
لكنَّهُ يبقى هُنا
الحُزنُ - لو تدرون - في يومي يُقاسِمُني النهار
ويصُبُّ في قلبي السقامْ
فكأنَّهُ قد صَبَّ في قلبي اللَّظَى ورمى السَّهام
حُزني ثَقيْلٌ مُتعَسٌ يا أصدِقاء
يأتي .. يصُبُّ ظلامَهُ في القلبِ آمادَ النهار
إن حوَّمَت غربانُهُ السوداءَ تحجبُ شمسَهُ
تُلقي على عيني القَتَامةَ والقَتَام
حُزني غريبٌ .. موحِشٌ إن زارني
أو جاءَ قاصِداً الفؤادَ لهُ مَلاذَ فلا يُبَارِحَ إن أقام
حتَّى إذا ما قد مَددتُ لكم يدي يا أصدِقاء ..
.. وقد عَشَت مِنهُ العيونُ ..
.. ووسَّدَ الدربَ الظلام
ألقاكموا مِثلي .. أذَلَّكُمُ الأسى
لم يُبقِ من وهج الحياة على عيونِكم الكسيرة إن رَنَت إلاَّ الحُطام
الحُزنُ سَمَّمَ يومَنا !
قَتَلَ انتشاءَ الوقت في أرواحِنا
فكأنَّما ساعاته تمضي بنا فوقَ الضِرام
فانجوا بأنفسِكم وفِرُّوا ما استطعتُم من وِثاق الحُزنِ
.. من هذا الجحيم
لكنكم لن تقدروا
وسترجعون مُحَطَّمي الأرواحَ مُستَلَبي السلام
والحُزنُ يَضحَكُ في الخِتام !