الحصادُ المُرّ - عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ)

الموتُ مثّلَ روحي طائرًا .. وعلا
يقودُ سِربَ حنينٍ يطلبُ الأملا
أصاب من بدني عينيَّ إذ خبتا
في ليلهِ وأماتَ العقل وارتحلا
حسبتهُ فكّك الدنيا وركّبها
أخرى لغير سماءٍ تغدِقُ العملا
أطالعُ العمرَ نهرًا في صحائفهِ
يجري فيُخِرجُ ما قبل الرحيل سلا
فهاهمو أهليَ اختاروا لبعثهمو
موتِي , وشقُّوا لصمتٍ في دمي سُبلا
تقاسمُوا عمُري للكيد , ما اعتبرُوا
وحاصرُوا أملي باليأس .. فاقتتلا
هزائمي حيثُ أمضي بينهم سحبٌ
تبلُّ مِن عطَشِي للمُنتمَى ُظللا
وحدي , وبينهمو لو قلتُ : وحدَكُمو
سيرُوا بدوني جميعًا .. دمعُهم هطلا
هجرتُ . قِيل : غرورا . عدتُ . قيل : هوى
سهرتُ . قيل : فجورا . نمتُ . قيل : بِلَى
وشرُّ دنياك أهلٌ يأخذون ولا
يعطون , قد نصَّبوا أوهامَهم رسلا
وأين نمضي , وبعد الأهل ما وهبَ ال
رحمنُ أهلا لسارٍ حلَّ أو رحلا
نقشِّرُ الجمرَ عن سِدر الرماد بأيْ
دينا لنكشفَ دهرًا خفَّ أو ثقلا
ولا تصيبُ أماسينا رؤىً عبرتْ
منازلَ الحُبِّ واختارتْ لنا بدلا
تصيبُ في القلب أيامَ الطفولةِ , يبْ
نيها أبي هدفا لا يطرقُ العِللا
يقولُ : غابة ٌ الدنيا برُمَّتِها
فكنْ بها أسدًا إن شئتَ أو حمَلا
أقولُ : والناسُ ـ أين الناسُ ؟ .. يسألني
ستعرفُ الدهرَ كم أحيا وكم قتلا
ففُزْ بحظِّكَ . لا . لا , سرتُ مهتديا
بالحقِّ .. والأرضُ ضاقتْ والفضا انتقلا !