وطنٌ .. يفرشُ حلماً - عبد الناصر أحمد الجوهري

الدَّمُ .. بالدَّمِِ لا يغسلُ وجعا
الدَّمُ .. بالدَّمِِ لا يطفئُ صحوا
كلُّ دماء عروبتنا تنزف
وحداءُ البادية ..
تراءى فوق هضاب الغفله فزعا
وتباشيرُ العتق المزهوّةِ ..
فى أوطانى
عادت لتحطَّ على أوج خمائلنا ترقب صبحا
أنكفن من ؟!
( الأُزدَ / الأحقافَ / تُهامةَ ) .. من دخل ( ظِفاراً )
يرقب أطلالاً أو شبحا
أنكفّن من .. عُرُباًَ مستعربةً ؟!
أنكفّن من ؟!
ساميّا قبل أعاصير التهجير .. المصلوبة ..
فى ( نابلسَ / جنينَ / الضفة / رام اللهْ
أنكفنَ لكنتنا أم نستصرخ خرس الأفواه ؟!
فالنازح لا ينسى أبناء عمومته ( لا ينسى الجوع / الخوفا
فالنازحُ لا يدفن ذاكرةً فى الرمل ..
ولا يهرب فوق العير الرومية ..
أو يخدعُ حلفا
أنكفن من ؟!
ساميّا قبل موات فراستنا / الاستيطان .. /
الأسلاك الشائكة / الدبابات /
الجرَّافات ..
فهاجُرحى يُنبتُ جُرحاً
أنكفن من .. عرباً عارية ؟!
تعشق عهدا
أبرمه عرَّابو الهيكل ..
أنكفن من .. عدنانيا ؟!
يذبح عنق التاريخ القانى .. ذبحاً
انكفن من .. قحطانياً ؟!
يحذف خارطةً من قلبى
لشراكة ( مونيكا )
آهٍ .. يا نفطى العاجزْ
صرنا نعقر نخلاتَ تصحرنا
صرنا نعقر حتى الماعزْ
إنَّ مراعينا لا تعشقُ هذا المحتل الغاصبْ
لا تمنح .. من نكّس علم الأوطان .. مفاتيح البّوابات
ولا تشبع ذاك الخيل الهاربْ
آهٍ .. يا ( صابرا ) .. يا ( شاتيلا )
يا ( قانا )
مَنْ يحمى مِنْ بين الأعراب .. حمانا ؟!
آهٍ .. لا تصهلُ غير تراتيل المنفى ..
وتجرّدُ سيفا
كل بكاء قصائدنا عند قلاع الأمجادِ خُواءً
لا يرجع وطنا
يرقَدُ فى ثلاّجات المشفى
الدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يكفى
لا يشعلُ حرفا
لا يرحمُ شهداء ( الأقصى )
لا يرحمُ شيخاً
امرأةً .. أو طفلاً
وامتد الجرح النازف يا وطنى من غور سرائرنا
حتى / الجولان / الفلوجة /
سامراء / القدس / ..
( مزارع شبعا ) ؟!
كلُّ دروب مواجعنا
حول رواق الحرم القدسىِّ ..
بقايا أحلامٍٍ صرعى
كلُّ طقوس قبائلنا قرب النجف الأشرف ..
أحزانٌ ، صلوات للغائبْ
كل طقوس قبائلنا
خوفٌ مزًَّق أشرعة القاربْ
ودموعٌ لا ترحم أحداً ..
إنَّا نملأُ أودية الماضى عدداً
من ينتظرُ المددا؟
وطواشى الأنفالِِ
تسوق النوق الحمراء وقافلة النجدة وتقيم الحدَّاَ
إن ( سواعاً ) لن يمنع عنا الشمس .. وربِّ الشمسِ
قد ضاعت فينا مُهجتُنا / فرحتنا / صهوتُنا
والقيظُ الهاربُ
من قلب البأسٍِ
ضاعت منا أيامُ التشريق ..
فأعيادٌ مَّرتْ دوني
لا تعرف صبحاً يرمحُ من صبحٍ أعرجً
لا تعرف قمراً مجروحاً من قمرٍ أبلجْ
ها وطنٌ ينزف قهراً
كل رقاع الغوث .. تروم الحبرا
أحمله فى قلبى عُرسا
أحمله معلقةً لتزين أستار الكعبة
أحَمْلهُ ملحمتى / لهوى / ممحاتي / مسطرتى
وطنى .. ها وطنى
أحمله فى حقلى فأسا
أحمله أوزانى / قافيتي
آخر سكين فى جيبى
أغرسه – فى قلب الغاصب –
غرْسا
وطنى .. آهٍ يا وطنى
ليس ككل الأوطان .. يخاف البارودا
ليس ككل الأوطان .. هياكل صمتٍ
وطني يفرحُ ..
حين أعانق أخدوداً
يفرح حين أعانق فجراً
وطني .. آهٍ يا وطنى
علّمنى أن أكره حرب ( بسوسى )
علَمنى أن أدفع رأسى فى ( سوق عكاظى )
( ألا أخشى الغربة .. أو حتى الهجرا
وطنى ليس ككل الأوطان ..
فوطني يفرش فى كلِّ مساءٍ
حلما
عتقا
قمراً
وطنى لا يخشى أىَّ رصاصاتٍ طائشةٍ
حين تشقُّ أضالعَ عتقى
وطنى .. يا أحبابُ .. يبارك فينا لو حتى حجرا
يا وطنى الصابر فى ( يافا ) / فى ( طولكرمَ ) /
وفى كلِّ مخيم خط النيران المتمترسة ..
تتوق إليك صباباتى .. فامنحنى
توقا
لا تهويدٌ سيمرُّ على أوجاعى
غرباً أو شرقاً
لا تهويلاٌ يغرى أسرى
من فينا يهدى قربان الأسر ..
يزف الأسرى ؟!
فالدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يغسل وجعا
لا يخمد نهراً
لا تكفى أغنيةٌ قبل غروب مسيرتنا ..
أن تُشبِعَ حُرَّا
لن يَرضى غضبُ الزيتون الصامد ..
أن يذهب هدرا
ها مقلاع الصبية .. فى حارات ( الناصرة ) ..
ومن خلف جدار الفصل الجائر ..
ينفث ضجرا ،
غضبا / قافية / وزناً
لن نسلب بعد الآن ( الأنفال ) ..
ولن نسلب نبع بداوتها
فالدَّمُ .. بالدَّم .. لا يغسل ذُلاً ، غِلاَّ
لا يرجع وطنا
إنَّا من أفئدة العشَّاق ..
ومن كل شواديف الصبر ..
ومن أحداق الغدران .. نخبِّئ أوقاتا
لتردَّ المحنا
فالدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يطلقُ طيراً محروماً
من وكر عروبتنا لا يطفئ أناتِ الأوطانْ
إن الأرضَ ترومُ عمالقة الوديان
وطنى شرفُ قبيلتنا العائد ..
من نسيانى شرفا
فدمي المسفوك يخضِّب كفَّا .. كفَّا
فلتنزفْ صحرائى فى خلوتها شبرا .. شبرا
فلينزفْ حامل هام لوائى
من سيكفن .. يا فرسان .. الميمنة / الميسرة /
الغدرا ؟!
هذى ذاتي لاتمنح خيل الغاصب عُشباً أو ماءْ
هذى ذاتى عرت أجلاف الصحراءْ
هذى ذاتى قشرَّها الحقدُ ( المارنزىُّ )
بنصلٍ
منحته إياه ( قريش) مجانا
باعته أيضا مرعى / درعاً / وحصانا
من سيقشر ذاتي ؛
يوشك أن يتخلص من أطباقى
الآن .. سيأكل أطباق الحلوى ..
يوشك أن يمضغ أفيائى ، أعنابى ، أوراقى
ياكلّ بلاد العرب السعيدة
ألويةٌ للنور نعانقها
وأنا الموءود على أطلال تمائمنا ،
وبيارقنا
ورقاع خريطتنا التليدةْ
لن نمنح غير شعوبيتنا أفياءً ومروجاً شريدةْ
وسنسرجُ أحصنةَ التحرير ..
المعقورة ..
ما إنْ تنهضْ يوماً من أمصارىْ البعيدةْ
.. عاشت خيل ( كنانة ) .. يا ( همْدانْ ) ..
بشارٌ لن يهجو أحداً بعد الآنْ
قتلته الآبيات ..
وقتلته الأوزانْ
يا ( تغلبُ ) إن تخوم الحرّية ..
تنجب أسحاراً تحرسها ( كهلانْ)
فالدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يغسل وُجعا
فالدَّمُ .. بالدمِ .. لا يطفئ صحوا ..
لا يطفئُ أنّاتِ الأوطانْ
وطنى آهٍ .. يا وطني
( داحسُ ) لا يشعُلُ حرباً يا ( ذُبيانْ )