وَطَنُ الجَمَاجِمِ والقُبُور - عبدالعزيز جويدة

(1)
وَطنٌ يَنامُ على فِراشِ الموتْ
والموتُ يَرفُضُ أن يَجيءْ
وقَوافلُ الذكرَى تَمُرُّ على الوطنْ
فيعودُ يَفرُكُ مُقلتيهِ مِنَ النُّعاسِ
فلا يَرى ..
في الأفقِ غيرَ الليلِ والموتِ البطيءْ
والحُلمُ في عيني يَجِفُّ
وألفُ نَبعٍ في جُفونِ العينِ غاضْ
والذلُّ والقهرُ السليطُ
وصَفعَةُ السَّجانِ تَهوي
فوقَ أقْفِيَةِ الشعوبِ
ولا اعتراضْ
إنِّي لأعجَبُ دائمًا
شعبٌ بهذا القهرِ رَاضْ !
هذا السكوتُ إلى متى
والكيلُ فاضْ ؟
(2)
وطني استَرِحْ هيَّا على كَتِفيَّ
وانطِقْ بالشهادةْ
ما عادَ في الآفاقِ شمسٌ تحتويكَ
فهل ستنجو مِن قراراتِ الإبادةْ
ودَمي الذي قد سالَ يومًا فوقَ أرضِكَ
فَنَّدوهْ
قالوا : خُرافاتٌ مُعادةْ
وطنُ الجَماجمِ والشواهِدِ والقبورْ
هذي جَماجمُنا تُطلُّ مِن القبورْ
ويُطلُّ وَجهُ الحاكمينَ مِنَ القُصورْ
مَنْ ذا الذي أعطى لَهم
حقَّ الوِلايةِ يا وطنْ ؟
مَنْ ذا الذي بالقهرِ وَلاهُمْ ؟
وجَدوا شُعوبًا كلَّها موتَى
فتطاوَلوا ،
وتجَرَّءُوا ..
أن يَبصُقوا في وجهِ مَوتاهُم
(3)
يا أيُّها الوطنُ المُعَلَّقُ
مثلَ قِنديلٍ على عيني
وضوءُكَ خافِتٌ
والزيتُ يَلفِظُ آخِرَ الأنفاسْ
إنْ شدَّدَ الحكامُ قَبضتَهم عليهْ
يشتَدَّ شعبُكَ في النُّعاسْ
يا أيُّها الوطنُ المُهاجرُ في دَمي
أ وَلستَ تَدري مِن زمَنْ
أنَّ اللصوصَ جميعَهم
هُم زُمرةُ الحرَّاسْ
اسكُبْ لِنشربَ نَخْبَ نَكبتِنا معًا
كأْسُ المرارةِ مُتْرَعةْ
ما عادَ طعمٌ للمرارةِ بعدَما
قد عُطِّلَتْ فينا الحَواسْ
يا صاحبي لا تَكتَرِثْ
لا فرقَ في هذا الوطنْ
ما بينَ أقدامٍ وراسْ
(4)
أيُّ البلادِ تُحبُّها ؟
فأجبْتُهمْ :
هذا الوطنْ
قالوا : تُحبُّ القهرَ ؟
قلتُ لَهمْ :
أ وجدتُ شيئًا غيرَهُ
حتى أُحبَّ سِواهْ ؟
أنا أينَما وَلَّيتُ وجهي في الوطنْ
عيني تَراهْ
(5)
وطَني لأنَّكَ لَم تُعلِّمْني ..
أَدَبَ الحديثْ
بالأمسِ يا وطني اعتَرَفتُ
وبعدَها قطَعوا لِساني
وصُلِبْتُ يا وطني مَكاني
قالوا ليُصبحَ عِبرَةً للغيرِ
ها هو يَعتَرِفْ
قد لَفَّقوا نَصَّ الحديثِ
وأرفَقوا فيهِ اعترافي
أنا ما وجدتُ هناكَ شيئًا قُلتُهُ
مِن أيِّ شيءٍ قلتُهُ
إلا بقايا جُملةٍ
وسَطَ الحديثِ حزينةٍ
أنا قُلتُها
لكنْ لِمَنْ أنا قلتُها ؟!
واللهِ لا أدري .. ولكِنْ
نَصُّها بالحرفِ كانْ
مهما جَرَى
لا تَنحنِ
حتى وإنْ كنتَ المُهانْ
لا تَنحَنِ ..
لا تَنحنِ ..
لا تَنحَنِ