كَانَ اتِّفاقًا - عبدالعزيز جويدة

(1)
كانَ اتِّفاقْ
أن يَقتُلوا شعبَ العراقْ
أن يَذبحوا نَخْلَ العراقْ
قد فتَّشوا رَحِمَ النساءِ
وفتَّشوا نُطَفَ الرجالِ
وفتَّشوا الأحْداقْ
وقدِ استَباحوا دَمَّ دِجلَةَ
أهدَروا دمَّ الفُراتِ
وكسَّروا الأعناقْ
عَبثًا نُحاولُ أن نُطيقَ
وكلُّ شيءٍ لا يُطاقْ
(2)
الآنَ يجتمعُ الأشاوِسُ كلُّهم
كي يَحمِلوا جَسدَ العراقْ..
في الغدِّ للمثوَى الأخيرْ
كَفَّنتُ في العينِ العراقَ
بنخلِها ، وبنهرِها ..
بِدَمِ الحُسينِ ونسلِهِ
وبقلبِ فاطِمةَ الأسيرْ
هذي بلادٌ تَستَجيرُ ولا مُجيرْ
هذي بلادُ الموتِ تجتازُ المَمَرَّ
ولن تَمُرْ
فالأمرُ يا ولَدي عَسيرْ
ما ذنبُ شعبٍ قادَهُ حُكَّامُهُ
ليَذوقَ ألوانَ الجحيمْ ؟
مَن ذا يُقرِّرُ دَربَهُ
في العالَمِ العربيِّ
قُلْ لي يا لَئيمْ ؟
أنتَ المُسَيَّرُ والمُخيَّرُ دائمًا
بأوامِرِ الملِكِ العظيمْ
(3)
شعبٌ ويَحلُمُ بالخلاصْ
شعبٌ يُرى فوقَ المشانقِ
كلَّ يومٍ ألفُ رأسٍ أينَعَتْ
ويَحينُ وقتُ قََطَافِها
هذا الطريقُ بلا مَناصْ
مَن جَرَّأَ السيافَ قُلْ لي يا وطنْ
ما كانَ يَجرُؤُ لو رأى يومًا قَصاصْ
يا مَوطِنَ "الحَجَّاجِ" أهلاً مرحبًا
لُغةُ الحوارِ شَبيهةٌ
بالأمسِ تَقتُلُنا السيوفْ
واليومَ يقتلُنا الرَّصاصْ
(4)
بغدادُ يا قلبًا تَشقَّقَ مثلَ تَمرَةْ
بغدادُ يا حُلمًا تأجَّجَ مثلَ جَمرةْ
بغدادُ كنتِ ..
بذاتِ يومٍ ألفَ ليثٍ
كيفَ صِرتِ الآنَ هِرَّةْ ؟
بغدادُ مُوتي والمعاركُ مُستمرَّةْ
مِن مجلسِ الأمنِ القرارُ
وكانَ تفتيشُ القُصورْ
مِن مجلسِ الأمنِ القرارُ
وكانَ تقييدُ النسورْ
من مجلسِ الأمنِ القرارُ
وكانَ تفتيشُ الجَدائلِ ، والأساوِرِ ، والعُطورْ
مِن مجلسِ الأمنِ القرارُ
لِمنعِ إطلاقِ الرصاصِ ..
ومنعِ إطلاقِ البَخورْ
مِن مجلسِ الأمنِ القرارُ
وكانَ تفتيشُ الدقائقِ ، والثواني ، والشهورْ
مِن مجلسِ الأمنِ القرارُ
وكانَ تَفتيشُ الهياكلِ في القبورْ
مِن "بيل كلينتون" ..
مِن "نتنياهو" قرارٌ واضحٌ
مَنْ لَم يَمُتْ بالسيفِ
ماتَ بِظُلمِنا
وإليَّ عاقبةُ الأمورْ
(5)
بغدادُ كُنَّا والمُغنِّي يَرتدي ثَوبَ الحِدادْ
والجالسونَ وراءَهُ
يتبسِّمونَ بأوجُهِ الغُرباءْ
كانَ المُغنِّي صُوتُهُ مُتقطِّعٌ
وغِناؤهُ أضحَى قريبًا للنحيبِ وللبُكاءْ
نادَى كثيرًا ..
جَفَّ في فَمِهِ النداءْ
يا كَربِلاءْ .. يا كَربِلاءْ
"مَدَدًا مَدَدْ"
يا ابنَ النبيِّ وسيِّدَ الشهداءْ
قُمْ يا "حُسَينْ"
قُومي.. بِلادي
والناسُ تسألُ يا تُرَى أيُّ البلادْ ؟
فيُجيبُهم والصوتُ يَملأُهُ الأسَى :
شيءٌ جميلْ ،
وطنٌ جَميلْ ،
حُلمُ جميلٌ ..
إنَّهُ ..
بغدادْ