تَعليــق عَلى اتِّفاقِيــة - عبدالعزيز جويدة

"غَزَّة .. أرِيحَا"
(1)
يا أريحا .. يا أريحا
كلُّنا بِعنا "المَسيحا"
هذهِ الأرضُ التي احتُلَّتْ
معَ الأيََّامِ غَصبًا
هذهِ الأرضُ تَثورُ الآنَ غَضبَى
كيفَ ما راحَ اغتِصابًا
نَرتَضيهِ كَهِبَةْ ؟
مَزَّقتْنا التجرِبَةْ
كيفَ نَرضى أن نُصافِحْ ؟
أنْ يُصافي ..
بعضُنا في الصبحِ بَعضْ ؟ !
بينَنا ثأرٌ وكُرهٌ
بينَنا حِقدٌ وبُغْضْ
لا تَقُلْ لي : إنَّ ما قد فاتَ ماتْ
إنَّ ما قد فاتَ .. آتْ
(2)
كَيفَ تُعطيني قُصاصاتِ الوَرقْ
في مَواثيقَ .. ونَنسَى ما سَبَقْ
إنَّ قلبي ألفَ عامٍ يَحتَرقْ
أنا ما ظننتُ بأنَّهم قد سالَموكَ
فكيفَ تَجنَحْ ..
جُرحُنا المفتوحُ يَنضَحْ
كَلبُهم .. مازالَ يَنبَحْ
ليسَ معنَى السلمِ أن أرضَى الدَّنيَّةْ
هذهِ أرضي ..
لماذا تَبتغونَ الآنَ قَهري
كي يَكونَ القهرُ حلاً للقضيَّةْ؟
كيفَ يُعطيني الفُتاتْ
وأراهُ الآنَ يَلهو فَوقَ أرضي
وأنا أمضي بِلا حتى هُوِيَّةْ ؟
حَربُنا لا تَنتَهي
حَربُنا لا تَنتَهي
إنَّ في الحربِ البَقيَّةْ
(3)
آهِ يا خَمسينَ عامًا مِن دِماءْ
كَم أكلنا ما شبِعنا
شَرِبْنا مِن مِياهِ الصرفِ .. و
نِمنا في العَراءْ
مَرَّتِ الأعوامُ كُنَّا نَشتَري فيها السلاحُ
وعندنا المرضى تَموتُ
لكي يوفِّرَ موتُهم ..
ثمنَ الدواءْ
آهِ يا خمسينَ عامًا يَمتَطونَ ظُهورَنا
باسمِ القضيَّةْ
آهِ يا خمسينَ عامًا لمْ أُعانِقْ زوجَتي
كانَ العناقُ لبندقيَّةْ
(4)
كيفَ تَجرُؤْ ..
أن تُقاتِلْ
إنَّ في كَفَّيكَ سيفًا مِن خَشَبْ
كيفَ تَجرُؤْ ..
أن تُجادِلْ
أنتَ مَجهولُ النَّسَبْ
لن تَعودَ القدسُ يومًا
صَدِّقوني
إنَّها غابَتْ كثيرًا عن عُيونِ الحالِمينْ ،
عن عيونِ السامِعين ،
عن عيوني
قد أضاعَ القدسَ حُكَّامُ العربْ
فإذا عادَتْ فلَسطينُ ..
اقتُلوني
(5)
قُلْها لأطفالِ الحجارةِ
مِن غَدٍ :
ألقوا على الأعداءِ زهرَ الياسَمينْ
قُلْ للصِغارِ الحالِمينَ بأرضِهِم :
أنا بِعتُها .. بِعتُ القضيَّةَ كلَّها
وأتيتُكم مُستَسلِمًا
كونوا معي مُستسلِمينْ
وانسوا معي "حِيفا" و"يافا" والوطنْ
وانسوا حَكايا المُبعَدينْ
وانسوا المَذابحَ كلَّها
***
أنا قد دخلْتُ وسوفَ أنعَتُهُ لكم
البيتُ أبيضُ
والعساكرُ واقفونْ
قد فَتَّشوني عندَ أوَّلِ نُقطَةٍ
أخذوا المُسدسَ ، والهُويَّةَ ، والحَنينْ
وشَربْتُ شيئًا أصفرًا فنَسيتُكم
ونَسيتُ أيَّامَ العداءِ
وكلَّ أحداثِ السنينْ
فتَّشتُ جَيبي فالتَقيتُ عِمامَتي
فتَّشتُ قلبي فجأةً
فوجدتُهُ..
فيهِ"رابينْ"
لا تَعجَبوا مِن فِعلتي
أَ وَفِعلتي شيءٌ مُشينْ ؟
يا أخوتي الأعرابَ إنِّي مثلُكم
في خِسَّةِ الأفعالِ يُوجَدُ بينَنا ..
نَسَبٌ مَتينْ
فلْتغفِروا لي فِعلَتي مهما تَكُنْ
واللهُ خيرُ الغافِرينْ
(6)
يا "أريحا"
صِرْتِ للعُرْبِ ضَريحا
ودَفَنَّا الآنَ فيكِ
كلَّ ما يُدعَى نِضالْ
آهِ يا خَمسينَ عامًا مِن قِتالْ
ما استَرَحْنا
كيفَ أضحَى هَمُّنا أن نَستَريحا
يا أريحا ..
قَلِّبينا فوقَ جَمرِكْ
عَلِّقي في وجهِ شمسِكْ ..
جُثَّةَ الحُلمِ الطَّريحْ
الزعاماتُ تَوارَتْ
والنَّشامَى بينَ عِميانٍ تَراهم وكَسيحْ
ضاقَتِ الدنيا علينا
واكتَشَفنا وَجهَنا الفَجَّ القَبيحْ
باتِّفاقٍ ليسَ فيهِ أيُّ مَعنَى
لَو أردْناهُ قَديمًا لأخَذْنا ..
واختَصَرْنا ..
ألفَ مِليونِ قَتيلٍ وجَريحْ
والزعاماتِ التي ازدادتْ ..
كلامًا ، وصِياحًا ، ومَديحْ
لم تزلْ في كلِّ عِرضٍ ..
تستبيحْ
(7)
يا أريحا كلُّنا بِعْنا المَسيحا
ما اعتَذّرْنا للمَسيحْ
صَدِّقي ما قِيلَ عَنَّا
كلُّ ما قد قِيلَ عَنَّا
سالِفَ الدَّهرِ ..
صَحيحْ