حِوَارٌ في الهَواءِ الطَّلْقِ - عبدالعزيز جويدة

(1)
أَخرُجُ مِنِّي
كي أتَجوَّلَ خَمسَ دقائقَ
خارجَ نَفسي
أكرَهُ نَفسي
أحمقُ ، أغبَى مِن خِنزيرْ
لي عينانِ
وأُشبِهُ حينَ أمُرُّ الشارعَ
ألفَ ضَريرْ
أكرهُ صَوتي ،
لَوني ،
قُبحي
أدخُلُ نَفسي
أُغلِقُ بابيَ
أنظُرُ مِن نافِذةٍ أُخرى
أنظرُ مِنِّي
ألقَى نفسي شيئًا آخرْ
رَجُلاً ساحِرْ
ثوبًا فاخِرْ
أُمسِكُ سيجارا ،
أتحدَّثْ ،
أتَلَوَّى ،
وأُديرُ حِوارا
أعجبُ شيءٍ
حينَ خَرجْتُ لِخمسِ دَقائقَ
خارِجَ نَفسي
كنتُ حِمارا
(2)
قالَ الشيطانُ
لِطفلٍ كانَ يُقلِّدُهُ :
عَلِّمني يا ابنَ الإنسانْ
كيفَ وصَلتَ لأبعدَ منِّي
في الإتقانْ
حتى خِلْتُ بأنِّي الإنسُ
وأنتَ الجانْ ؟
(3)
كنتُ أُحبُّ رُكوبَ الخيلِ
ولكنْ حينَ سَقطْتُ الأمسِ
تَكَسَّرَ ساقيَ
قُلتُ كَفاني
لكنْ حينَ دخلتُ أنامْ
كانَ الفرَسُ الأشهَبُ
واقِفْ ..
فوقَ سَريري
ماذا أكتُبُ في تَقريري
لو يسألُني مَلِكُ الشامْ :
كيفَ تَركْتَ الفرَسَ الأبيضَ
فوقَ سَريرِكَ
دونَ لِجامْ ؟
(4)
امرَأتي في الشهرِ التاسعِ والتسعينْ
كانتْ تَشعُرُ
أنَّ الحَمْلَ الكاذبَ أصبحَ
أفضلَ حَلٍّ
حتى تَلعَبَ في المضمونْ
حتى تَظلَّ تُدَلَّلُ عِندي
مَرَّ التاسِعُ والتسعونْ
نامَتْ ، قامَتْ
نَظرَتْ في المرآةِ ارتَعَدَتْ
كيفَ تَجَعَّدَ هذا الوجهُ
وصارَ دَميمْ ؟
قالتْ إنَّ الحَملَ أليمْ
نظرتْ فوقَ الحائطِ قالَتْ :
هذا زَوجي
منذُ الشهرِ الأولِ ماتْ
حينَ سمِعتُ
ضَحكْتُ
كانتْ تَرتدُّ الضَّحِكاتْ و
منذُ اليومِ الأولِ كانتْ
زَوجي عاقِرْ
منذُ اليومِ الأولِ
قلبي ماتْ
(5)
لو أُعطيتَ شَهادةَ دَمْ
هل سَتُفرِّقُ
بينَ القاتِلِ والمقتولْ
هل تَتجرَّأُ
هل ستقولْ
كيفَ يَجيءُ غُزاةُ الفجرِ
بِدونِ خُيولْ
كيفَ تظلُّ قضيَّةُ عُمري
دُونَ حُلولْ
كيفَ يَظلُّ الحاكمُ فينا
كالعَنقاءِ ،
وطيرِ الرُّخِّ ،
ومِثْلَ الغُولْ ؟