يَوْمِيَّات مُدْمِن - عبدالعزيز جويدة

كانَ "الصَّحَّافْ"
كُوميديا حقًّا عَربيةْ
في الخامِسِ من يُونيو
نَفسُ الأحداثِ الدَّمويَّةْ
ذَبَحتْنا الصُّحُفُ القوميَّةْ
"بالمانشيتَّاتِ" اليَوميَّةْ
نَفسُ "السيناريو" المَكتوبْ
نفسُ الأرقامِ الوَهميَّةْ
فالعُرْبُ جَميعًا كَذَّابونَ ،
وأفَّاقونْ
إنْ قالوا : عندَكَ حُرِّيَّةْ
***
كانَ الصحَّافُ كما تَعرِفْ
عَبدًا مَأمورًا يَتكلمْ ..
بِلسانِ النُّظُمِ القمعيَّةْ
أنْ يَكذِبَ .. صارتْ صَنعَتُهُ
لو أصبحَ أكثرَ إقناعًا
فسيُصبِحُ أكثرَ فنيَّةْ
كانَ الصحَّافُ "تراجيديا" ،
"مونودراما" ،
بَلْ حَالَةَ حُزنٍ فَرديَّةْ
هو يَشربُ من دمِّ القَتلَى
يَمسحْ ..
فَمَهُ
بَعدَ التصريحِ بِعَفويَّةْ
هو يعرِفُ حَجمَ خَسائِرِهِ
ويُقاومُ قَصْفَ الدبَّاباتِ
بِتصريحاتٍ ناريَّةْ
قد كانَ يُحاولُ مُجتهدًا
كُنَّا نَحتاجُ لتصديقِهْ
فَسنينٌ مَرَّتْ خَلفَ سِنينٍ
نَحلُمْ ..
بالنصرِ وتَحقيقِهْ
فَوجدْنا في كَذبِ الصَّحافْ ..
ضالّتَنا (الكانتْ) مَنشودةْ
وعَشِقْنا هذا "البلياتشو"
المُقْنِعَ جِدًّا ..
أنَّ الأمَّةَ مَوجودةْ
أبكاني كَذِبُ الصحَّافْ
أضحكَني كَذِبُ الصَّحَّافْ
هو يَرقُصُ ،
يَقفِزُ فوقَ حِبالٍ مَشدودةْ
سنُقاومُهُمْ ، وسنذبحُهم ، وسنطردُهم ..
وسندْحَرُهم ..
في ظرفِ دقائقَ معدودةْ ..
بالإمكاناتِ المحدودةْ
***
كانَ الصّحَّافُ
رِسالةَ كِذْبٍ يوميَّةْ
لِشعوبٍ أنهَكَها الحُكامُ
وداسَتْها
أقدامُ النُظُمِ الهَمَجيَّةْ
نَتَرقَّبُ وَجْهَ الصَّحَّافْ
كي يُخبرَنا
وبِسُخرِيَةٍ
كُنَّا نحتاجُ إلى الصحَّافِ
لِيُخرِجَنا من حالةِ يأسٍ أبديَّةْ
كي يُخرجَنا
من إحْباطاتِ هَزائمِنا
من حالةِ عَجزٍ عربيَّةْ
كانَ الصَّحَّافُ
كَطوقِ نَجاةْ
يَكذِبْ ..
يَكذِبْ ..
كُنا نحتاجُ نُصَدِّقُهُ
بَلْ نَحنُ بِحَقٍّ صَدَّقْناهْ
في آخِرِ يومٍ لِظُهورِهْ
أنا كنتُ أراهْ
أعطاني وَعدًا بالنصرْ
هَرَبَ الصحافُ وفِرقَتُهُ
وتَفاقَمَ في الأعماقِ الكَسرْ
سقطَتْ بَغدادُ ، وسقطَ الوَهمُ ،
وسقطتْ أمَّتُنا في الأسرْ
وأضَعْنا أحلامَ العُمرْ
لكنِّي بَعدَ الصحافْ
أحتاجُ الآنْ
أحتاجُ لِوَهمٍ يَشفيني
أحتاجُ لِوَهمٍ أيًّا كانْ
أنا صِرتُ أُعاني يا سادَةْ ..
حالَةَ إدْمانْ
جَسدي يأكُلُني كالأجْرَبْ
أصرُخُ من عُنفِ الأكَلانْ
هو حالُ المُدْمِنِ يا سادةْ ..
عِندَ الفوَرانْ
أحتاجُ الجرعةَ أرجوكُمْ
أحتاجُ الصَّحَّافَ الآنْ
أحتاجُ الصَّحَّافَ الآنْ