"ميسون" رمز المقاومة العراقية - عبدالعزيز جويدة

ميسون البطلة العراقية التي فجَّرت نفسها
وأصابت مدرعتين أثناء الغزو الأنجلو أمريكي للعراق
***
أنا ميسونْ
أنا بنتُ العراقِِ الحُرِّ
لحظةَ نصرِها الميمونْ
أنا فلاحةٌ طلعتْ
كنخلِ البصرةِ الباسقْ
كنَجمٍ حارقٍ صاعِقْ
تَدُبُّ الأرضَ ،
يَخرُجُ مِن أصابِعِها لهيبُ النارْ
وتأتي زُمرةُ الثُّوارْ
كطيرٍ مِن أبابيلٍ لسطحِ الدارْ
أنا ميسونْ
أنا "عشْتارْ"
وها بلدي وأطفالي على الأشرارْ
لأخْذِ الثارْ
*****
أنا ميسونْ
أنا بنتُ العراقِ الحُرْ
أنا طعمُ الحياةِ المرْ
وكِسرَةُ خُبزْ
مغَمَّسةٌ بطينِ الأرضِ يا وطني
بها أعتزّ
وليسَ أعزَّ مِن نفسي
ومن ولدي ومن مالي
سوى وطني
هو العالي .. هو الغالي
وإنْ مِتُّ
ستبقى رايةُ الوطنِ
تُرفرفُ فوقَ آمالي
وإنْ أفنيْتَ يا غدَّارُ
من بلدي جميعَ الناسْ
فلا تَنْسَ ..
بأنَّ الأرضَ يا غازِ
لها دوماً ملايينٌ منَ الحُرَّاسْ
لأنَّ الأرضَ يا نازي
لها إحساسْ
*****
أنا ميسون
أنا بنتُ الحضاراتِ
التي حملتْ مشاعلُها
دُروبَ النُّورْ
ومن بابلْ
إلى آشورْ
إلى دِجلةْ
"إلى العَرَصاتِ والمنصورْ"
إلى البصرة ْ
وتمْرٍ من حدائقِها
وطيبِ الخُبزِ في التَّنُّورْ
إلى عَبَقٍ من التاريخِ يحملُنا
ومن شِبرٍ إلى شبرٍ
يَمُدُّ جسُورْ
*****
إلى بغدادْ
إليكِ مَليكَةَ الشَّرقِ
أنا جئتُ
وكُلّي في الهوى أسَفٌ
أنا المقهورْ
لأطفالٍ مُلطَّخةٍ مرايلُهمْ
بلونِ الدَّمِّ والطَّبْشورْ
وبينَ القصفِ والنَّسفِ
يُطلُّ الوجهُ كالعُصفورْ
بريئاً في تحدّيهِ
بلا كفينِ
أو قدمينْ
وجسمٍ خَلفَ نافذةٍ بدا مشطورْ
أيا بغدادُ هُزّيني
لعلي مرَّةً أصحو من الغفلةْ
وأُصبحُ مرَّةً رجُلاً
" أنا طُرطُور"
على الشاشةْ
يجيءُ القصفُ أنتفضُ
وأختبئُ
كفأرٍ هاربٍ مذعورْ
أُواري وجهَ أطفالي
وأحضُنُهم
فقد تؤذي مشاعرَهم
وجوهُ القتلِ والثَّكلِ ،
وهدمِ الدُّورْ
فما بالَكْ
بمَن يُقصفْ
ومَن يُنسفْ
ومن بالأمسِ داستهُ
مُجنزَرَةٌ بكلِّ غُرورْ
*****
أيا بغدادْ
أنا القاتِلْ
أنا المأجورْ
أنا معَهُمْ أُشارِكُهُمْ
لأقتُلَكُمْ وأَبكيكُمْ
أُعزيكمْ
وذنبي دائماً مغفورْ
أنا ابنُ النَّذلِ وابنُ العُهرْ
وأعملُ في بلادِ المَلْكِ سيَّافاً
أنا "مسرورْ"
لأنَّ الأصلَ عربيٌّ
ويحكُمُني هُنا كلبٌ
على الكُرسيِّ أُجلِسُهُ
ويُجلِسُني..
على الخابورْ
سيأتي الدورُ لا تعجلْ
فكلُّ العالمِ العربيِّ أغنامٌ
ستذبحُها يدُ الطاغي
وكلُّ الفرقِ أينَ الكبشُ في الطابورْ
أيا بغدادُ ضُميني
لعلي فيكِ أحترقُ
بهذا النورْ
سلاماتٍ إلى كلِ الذينَ يُحبُّهم قلبي
إلى صحبي إلى "الكاظِمْ"
"وعبدِ القادرِالجيلاني"
وصوتِ مؤذِّنٍ حانِ
كعطرِ بَخورْ
إلى العباسْ ،
وسيفِ عليّ ،
وكأسٍ من محبَّتِهم يدورُ يدورْ
فمَنْ يشربْ
يرَ اللهَ ..
بغيرِ سُتورْ
إلى السَّيَّابِ
تنسابُ قصائدُهُ
بكلِّ بُحورْ
فلا تَعجبْ
إذا منها ترنَّحْتُ
بغيرِ خمورْ
أنا المخمورْ
فيا سيَّابْ
أنا بالبابْ
وعندي يا حبيبُ عتابْ
لماذا الآنَ تَرديدُكْ ..
بصوتٍ يائسٍ مكسورْ ؟
فبغدادٌ إذا قُصِفتْ
يُطلُّ النورْ
وبغدادٌ إذا ابتسمتْ
تكشَّفَ وجهُها المسحورْ
وبغدادٌ إذا احترقتْ
ستَخرُجُ دائماً أروعْ
كعنقاءٍ ،
كتبرٍ خالِصٍ مصهورْ
فبغدادٌ ستبقى دائماً أبداً
تُشعُّ النورْ
فكم طاغٍ طغَى فيها
وكلُّ طُغاتِها انتحروا
على أسوارها زُمَراً
ولا أحدٌ تخطَّى السورْ
هنا قبرٌ "لِهولاكو"
و"للحجاجِ"
و"السَّفّاحِ"
والسفّاكِ
والمغرورْ
فيا سيّابُ لا تحزنْ
ولا تيأسْ
ونَمْ مَقْرورْ
فبغدادٌ إذا هدأتْ
غداً ستثور
غداً ستثورْ