الفنان الأعمى - علي محمود طه

لأجلك يشقى بلمح العيون
و يصرع بالنّظرة العابرة

لودّ إلى الأرض لو لم يصخ
أو ارتدّ بالمقلة الحاسره

و كم من فتى عزّها سمعه
و غضّ على حذر ناظره

عصاها ، فنادت ، فلم يستمع،
فحلّت به لعنة الفاجره ؟

لع مقلتان على ما وعى
من الألق الطّهر مختومتنان

ففي عقله حركات الزّمان
مصورة و حدود المكان

و في قلبه أعين ثرّة
بها النّار طاغية العنفوان

و في كلّ خاطرة نيزك
يشقّ سناه حجاب الزّمان

إذا ما هوت ورقات الخريف
أحسّ لها وخزات السّنان

و إن سكبت زهرة دمعة
فمن قلبه انحدرت دمعتان

و من عجب شدوه للرّبيع
و قد يخطئ الطّير شدو الأوان !

و قيثارة الرّيح ما لحنها
سور الريح في جفوة أو حنان

عوالم جيّاشة بالمنى
و دنيا بأهوائها تضطرب

من اللا نهاية ألوانها
مشعشعة بالنّدى المسكب

ففيها الصّباح ، و فيها المساء ،
و بينهما الشّفق الملتهب

تطوف بها صدحات الطّروب
و تسهو بها أنّه المكتئب