الشوق العائد - علي محمود طه

إهدئي يا نوازع الشّوق في قلبـ
ـي فلن تملكي لماض رجوعا

آه هيهات أن يعود و لو أفـ
ـنيت عمري تحرّقا و ولوعا

آه هيهات أن يعود و لو ذوّ
بت قلبي صبابة و دموعا

فاهدئي الآن يا لثورتك الهو
جاء جبّارة تدك الضّلوعا

***

رحمة يا نوازع الشّوق لو نا
ديت ماضيّ ما وجدت سميعا

أسدل القلب دونه ألف ستر
عبرات و مثلهنّ نجيعا

رحمة يا نوازع الشّوق لو حا
ولت بعث الهوى فلن أستطيعا

كيف يحيى زهر ذوى في إناء
بات في قبضة الحياة صديعا

***

رحمة يا نوازع الشّوق بالقلـ
ـب فما يستطيع بعد نزوعا

إن تكوني أحببتع فدعيه
ناعما بالكرى رضيّا قنوعا

نسي الأمم أو سلا فتعالي
نجث صمتا من حوله و خشوعا

أو فكوني في حلمه الزّهر و الأنـ
ـغام و الخمر و العروس الشّموعا

***

أيّها الزّائر المعاود ما ألـ
ـقاك أحسنت بالمزار صنيعا

ما أرى في سمات وجهك إلاّ
شبحا رائعا و حلما و جيعا

يتوقّاه ناظري كأنّي
فيه ألقى آلام عمري جميعا

طال ليلي فما طويت هزيعا
منه إلا نشرت منه هزيعا

***

أيّها الشّوق خلّ عنك و دعني
و امض لا خادعا و لا مخدوعا

أين هذا الجمال أرعاه كالبر
ق خلوبا و أجتليه لموعا

أين هذا الخيال أسقاه كأسا
بيد منه فجّرت ينبوعا

أين لا أين ! ما غنائي بالذكـ
ـرى و قد أصبح الوهوب منوعا !

***

عدت يا شوق لي و عاد لياليـ
ـك و لكن وجدت قلبا صريعا

عدت من بعد لوعة أحرقته
وجفته على الرّماد ضجيعا

و ليال من الفراغ عوات
هرأته ثلوجهنّ صقيعا

عدت يا شوق ! فيم عدت ؟ ربيع الـ
ـعمر ولّى ! فهل تعيد الرّبيعا ؟!