ابن السّماء - علي محمود طه

هرميس: هو ابن السّماء و لكنّه
من النفص تركيبه و التمام

صناع الطّبيعة، بل صنعها
فمنها دمامته و الوسام

يسّف إلى حيث لا ينتهي
و يسمو إلى قمة لا ترام

و يسقى بكأس إلهيّة
مرنّقة بالهوى و الأثام

نقيضان شتّى فما يستقرّ
على غضب منهما أو رضاء

تحدّى الحياة و آلامها
ببأس الجبابرة الأعلياء

يزيد عتوّا على نارها
و يلمع جوهره من صفاء

و ينشقّ عن نضرة قلبه
و إن طمرته ثلوج الشّتاء

هو المرح الشّارد المستهام
شرود الفراشة عند المساء

حبته الألوهة روحا يرى
و ينطق عنها بوحي السّماء

يحسّ الخيال إذا ما سرى
و يلمس ما في ضمير الخفاء

و يبتدرّ النّجم في أفقه
فيرشفه قطرة من ضياء

أرته السّماء أعاجيبها
وروّته من كلّ فنّ بديع

فضنّ بلألاء هذا الجمال
و خاف على كنزه أن يضيع

أبى أن يبدّده ناظراه
فأطبق جفنيه ما يستطيع

فإن شارفت الأرض نادت به
ففتّح عينا كعين الرّبيع