الموسيقية العمياء - علي محمود طه

إذا ما طاف بالأرض
شعاع الكوكب الفضّي

إذا ما أنت الرّيح
و جاش البرق بالومض

إذا ما فتّح الفجر
عيون النّرجس الغضّ

بكيت لزهرة تبكي
بدمع غير مرفضّ

زواها الدّهر لم تستعد
من الإشراق باللّمح

على جفنين ظمآنيـ
ـن للأنداء و الصّبح

أمهد النّور : ما للّيـ
ـل قد لفّك في جنح ؟

أضئ في خاطر الدّنيا
ووراء سناك في جرحي !

***

أري الأقدار يا حسنا
ء مثوى جرحك الدامي

أريها موضع السّهم الـ
ـذي سدّده الرّامي

أنيلي مشرق الإصبا
ح هذا الكوكب الظّامي

دعيه يرشف الأنوا
ر من ينبوعها السّامي

***

و خلّي أدمع الفجر
تقبّل مغرب الشّمس

و لا تبكي على يومك
أو تأسي على الأمس

إليك الكون فاشتفّي
جمال الكون باللّمس

خذي الأزهار في كفّيـ
ـك فالأشواك في نفسي !

***

إذا ما أقبل اللّيل
و شاع الصّمت في الوادي

خذي القيثار و استوحي
شجون سحابة الغادي

و هزّي النّجم إشفاقا
لنجم غير وقّاد

لعلّ اللّحن يستدني
شعاع الرّحمة الهادي !

***

إذا ما سقسق العصفو
ر في اعشاشه الغنّ

و شقّ الرّوض بالألحا
ن من غصن إلى غصن

أتتك خواطري الصدّا
حة الرفّافة اللّحن

تغنيك بأشعاري
و ترعى عالم الحسن !

***

إذا ما ذابت الاندا
ء فوق الورق النّضر

و صبذ العطر في الأكما
م إبريق من التبر

دعوت عرائس الأحلا
م من عالمها السّحري

تذيب اللّحن في جفنيـ
ـك و الأشجان في صدري !

***

عرفت الحبذ يا حول
ء أم مازال مجهولا ؟

ألمّا تحملي فلبا
على الأشواق مجبولا ؟

صفيه ، صفيه ، فرحانا
و محزونا ، و مخبولا !

و كيف أحسّ باللوعـ
ـة عند النّظرة الأولى ؟

***

و من آدمك المحبوب ؟
أو ما صورة الصبّ ؟

لقد الهمت و الإلها
م يا حوّاء بالقلب

هو القلب ، هو الحبّ
و ما الدّنيا لدى الحبّ ؟

سوى مكشوفة الأسرا
ر و المهتوكة الحجب !

***

سلي القيثار بين يديـ
ـك أيّ ملاحن غنّى

و أيّ صبابة سالت
على أوتاره لحنا

حوى الآمال ، و الآ
لام ، و الفرحة ، و الحزنا

حوى الآباد ، و الأكوا
ن في لفظ و في معنى !

***

تعالى الحسن يا حسناء
عن إطراق محسور !

أيشكو اللّيل في كون
من الأنوار مغمور !

و ما جلاّه ، من سّواه
إلاّ توأم النّور ؟

و ما سمّاه إذ ناداه
غير الأعين الحور ؟