ولابد أن يستمر الحداء - فكري ناموس

حُرمنا من الفرح ِعمرًا طويلا ً
و أولادُنا يرضعونَ الشقاءْ

بلادٌ تفرُّ بها الأغنياتُ
ويبقى العويلُ بها والبكاءْ

بلاد بها الفرحُ يحيا ضريرًا
ويقبعُ خلف كهوف الغباءْ

بها الطهرُ أمسى غريبًا مريبًا
ويُرفع للعرى ألفُ لواءْ

تولى مقاليدَ أمر البراءة والط
هر من يُحسنونَ البغاءْ

فيسجنُ فيها التقىُّ النقيُّ
ويمرحُ في دربها الأشقياءْ

ويشربُ من مُرها الكادحون
ويسبحُ فى شهدها العملاءْ

بلادٌ لها القهرُ دستورُها
وفى كل ركن ٍبها كربلاءْ

يذبَّحُ فى كل بيت حسينٌ
ويعجزُ عن نعيه البلغاءْ

يعاقرُ كأسَ الخيانةِ فيها
أولو الأمر ِحينَ يحينُ الولاءْ

ويُدمنُ مرَّ المذلةِ شعبٌ
يرى فى المذلةِ نهرَ العطاءْ

ويرشفُ نهرَ دمانا بغاة ٌ
يحبونَ مِنا ارتشافَ الدماءْ

ويسرقُ مزمارَ أصواتِنا
دعاةُ التقدم ِصَوْبَ الوراءْ

مُنِعْنَا من الحزن ِحتى بدوْنا
على صهوةِ الصمتِ كالغرباءْ

فنبكى إذا شاءَ جزارُنا
وليس لنا مرةً أنْ نشاءْ

تجرَّعتُ من حزنها ما سقتنا
وعفتُ المذلَّة َوالانحناءْ

أنا يا أخا الحزن ِحلمي سينمو
ويثمرُ بعدَ رحيل ِالمساءْ

سيرحلُ أهلُ المذلةِ يومًا
ولا يبقى إلاَّ بنو الكبرياءْ

فمتْ إنْ أردتَ عزيزًا كريمًا
ستحيا ولن يحتويكَ الفناءْ

و إنْ عشتَ عمرًا مديدًا مهانًا
فأنت و أهلُ القبورِ سواءْ

سنلعقُ زيتَ جراحاتنا
لنظهرَ شيئا من الكبرياءْ

يقولون حين رأوْا كبريائي
يباعدُ عن مقلتيهِ البكاءْ

فلسنا نحبُ ركوع الخنا
ولا نرضى أن نجلسَ القرفصاءْ

خلقنا لنرفعَ أمجادَنا
على النجم ِحتى يسودَ الضياءْ

خلقنا لنزرعَ أحلامنا
بواحةِ أشعارنا فى الفضاءْ

خلقنا نحارب عسرَ الليالي
ليبقى النهارُ ويمضى المساءْ

خلقنا نخلِّد أرواحنا
بشتلةِ حبٍ وجرعةِ ماءْ

فيثمر فى كل ركن ٍعناقٌ
وبعضُ حنين وجيشُ إخاءْ

ونهرٌ من الشوق عذبٌ وفجرٌ
تطولُ به سجدةُ الأولياءْ

و أشجارُ عز و أشجارُ مجد
وواحاتُ فخر ونهرُ إباءْ

خلقنا نسطِّر أمجادَنا
ونكتب فوق العدا ما نشاءْ

أخا الحزن كن بلبلا فى سمانا
فإنَّ البلابلَ تهوى الغناءْ

أخا الحزن كفكفْ دموعكَ واهدأ
فلابد أنْ يستمرَ الحداءْ

أخا الحزن إني على موعدٍ
ولن يخلفَ الفجرُ هذا اللقاءْ

سنرقى لنحصدَ أحلامنا
فما ثمَّ إلا السنا والثناءْ