فى قريتى - محمد أبو العلا

( رسالة من فلسطينىٍ مُحاصَرْ إلى كل عربى )
*
فى قريتى …
أنا قابِعٌ أتَلَحَّفُ الحُزْنَ الّذى قَهَرَ السّنين ْ
وأصوغُ ألْفَ قصيدَةٍ _ خَرْساءَ _ أنهَكَها الأنينْ
أنا ها هُنا حيث الليالى عذَّبوها ..
والأمانىَ أخْرَسوها ..
حيثُ ذاكَ القلبُ يَنْزِفُ بالحنينْ
*****
فى قريتى …
يَنسابُ نَهْرُ الحُزْنِ بَيْنَ ضلوعِنا ..
وأنا هنا .. يجتاحُنى اليأسُ المُعَرْبِدُ
فى ضلوعى كلَّ حِينْ
أنا ها هنا حيث ُ النِّساء الثاكلاتْ ..
والعيونَ الدَّامعات..
والرعب .. والأشلاء .. والجُرح الدَّفين ْ
أنا ها هُنا .. والموتُ يَطْرُقُ بابَنا ..
ويَجولُ فينا حيثُ شاءَ
ونحنُ نَصْرُخُ " إننا لَنْ نَسْتَكينْ "
أنا ها هُنا حيثُ الزَّمانُ بِلا زمانٍ
والمكانُ بلا مكانٍ
صَمْتُكُمْ قَطَعَ الوَتينْ !!!
أنا ها هُنا والقَلْبُ يَسْبِقُ نَبْضَهُ
صوتُ المَدافِعِ فى جِنينْ
ودَمى هنا يَنْسابُ عَذْباً ..
" لَذَّةً للشاربينْ "
وجعى هنا يَمتَدُّ فى قلبى
وفى جسدى .. وفى وطنى
فتعلو قَهْقَهاتُ الغاصبينْ
وَجَعى كَشَرْخٍ فى جِدار كرامتى
فأصيحُ _ وا قُدْساهُ ـ
يا جُرْحاً تَوَطَّنَ فى الجبين
لَنْ يَرْحمَ التاريخُ يا قُدساهُ
مَنْ حملوكِ..
شَقُّوا اللَّحدَ ..
مَنْ قَبَروكِ وانطلقوا جميعاً صامتينْ !!!
وأنا أصيحُ : أنا هُنا .. وَجعى هُنا ..
ودمى هُنا ..
يا كُلَّ كلَّ الخائنينْ
*****
أنا ها هنا يا كلَّ مَنْ سَمِعَ استغاثةَ طفلتى..
وبدا أصَمْ
والجبنُ كَبَّلَ قَلبَهُ
وأصابَهُ غَمَّاً بِغَمْ
هانَتْ عليكَ دماؤنا .. أرواحُنا .. أعراضُنا..
فصمَتَّ لَمْ تَنْطِقْ ولَمْ
ونسيتَ بل أُنسيتَ _ ظُلماً _
أننا أبناءُ عَمْ
وتَرَكتَ أختكَ يعبثونَ بِعِرْضِها
فاستصرختكَ
" أيا بنَ أُمّ "
حَتَّامَ تَنْهَشُنى الذِّئابُ
وأنت تَخْطُبُ وِدَّهمْ
حَتَّامَ يَمْكرُ بى اليهودُ
وأنتَ تَسْلُكُ دَرْبَهُمْ !!!
حَتَّام يظلمنى الجميعُ
وأنتَ تفعلُ مثلهمْ ؟!!
كَمْ كُنتُ أحلمُ أن تَثورَ ..
وأن تعودَ لِتَنْتَقِمْ
فَتقولُ لى : عَيْنٌ بِعينٍ
واقتصاصُ دَمٍ بِدَمْ
ها أنتَ عُدتَ
أراكَ تَشْجُبُ فِعْلَهُمْ
فاشجُبْ .. فَشَجْبُكَ لا يهِمْ
مَلعونةٌ تلك الدَّواةُ .. وألفُ سُحْقاً للقَلَمْ
إن كُنتَ تخشاهُم جميعاً ..
فانسَحِبْ
دعنى لَهُمْ
والله يحكمُ بيننا..
فالحُكْمُ لله الحَكَمْ
فالحُكْمُ لله الحَكَمْ
فالحُكْمُ لله الحَكَمْ