هَمَسَاتُ حُبِ يَحْتَضِرْ - محمد أبو العلا

مازِلْتُ أَطْرُقُ فى عيونِكِ أَلْفَ بـابْ
أَسْتَنْجِدُ العُمْرَ المُسافِرَ والشَّبــابْ
وأَعودُ أسْألُ عنْكِ أيـامَ الصِّبــا
تِلْكَ الَّتى مَرَّتْ بِنا مَرَّ السِّحــابْ
ما أَمْهَلَتْنـا أنْ تَقـَرَّ عيونُنـــا
ما أَمْهَلَتْنا أَنْ نَذوقَ سوى العَذابْ
ما أَعْطَتْ القَلْبَ المُسافِرَ فى الدُّجَى
غَيْرَ الأنينِ .. ومُنْيَةً لا تُسْتَجـابْ
تِلْكَ اللَّيالى جَرَّعَتْنـا كَأسَهــا
وبه الكثيرُ مِن الأسى المُرِّ المُذابْ
وأَظَلُّ فى تِلْكَ اللَّيالـى المُقْمِرَةْ
والشَّوْقُ يُرْسِلُ فى فؤادِى خِنْجَرَهْ
تتَسابَقُ اللَّحْظات تُعْلِنُ مَأْتَمى
وتُقَهْقِهُ الأَقْدارُ مِنِّى ساخِرهْ
وأنا أُلَمْلِمُ ما تَناثَرَ مِنْ دَمى
وَأَجوبُ حَوْلَكِ بالخُطى المُتَعَثِّرَةْ
أَسْتَصرِخُ الحُبَّ الشَّريدَ بأنْ يعودَ
وكُلُّ رُكْنٍ فى فؤادى مَقْبَرَة
تتَلاحَق الأنْفاسُ وَسْطَ لَهيبِها
وتَشُدُّ أَزْرى والدَّقائِقُ عابرَةْ
والمَوْتُ يَسْرى فى الضلوعِ يُحيطُ بى
وتَحُثُّهُ نَظراتُكِ المُتَآمِرَةْ
أنا ما عَلِمْتُ بأنَّ حُبَّكِ قاتِلٌ
أنا ما علمتُ بأَنَّ دَمْعَكِ باسِلٌ
أنا ما عَلِمْتُ بأنْ سَيجْرى ما جَرَى
وأَظَلُّ أَحْلُمُ لو تَعود بنا السُّنونْ
ونَعودُ للماضى الجميلِ ..
أتَذْكُرينْ ؟؟
ذاكَ الَّذى عِشْناهُ أَوَّلَ عَهْدِنا
نَبْنى ونُنْشِىء قَلْعَةً للعاشِقينْ
تَتَراقَصُ الأحلامُ بَيْنَ عيونِنا
ونُعِيذُها باللهِ شَرَّ الحاقِدينْ
كُنَّا نُحَمْلِقُ فى السَّماءِ وكُلُّنا
أملٌ بأنَّ الحبَّ لا .. لَنْ يَسْتَكينْ
لكنها الأيامُ تَهْزِمُ حُلْمَنا
وتُفاجىءُ العُشَّاقَ بالسِّرِ الدَّفينْ
ما كُنْتُ أحلُمُ لوْ تَعَثَّرَت الخُطى
أنِّى أموتُ وأنْتِ يَقْظَى تَرْقُبينْ !!
لا قَلْبَ يَفْزَعُ ..لا صراخَ لمَقْتَلى
لا عَيْنَ تَدْمَعُ .. لا صُراخَ ولا أنينْ !!
وأنا أُلَمْلِمُ ـ دونَ فائِدَةٍ ـ دَمى
كَى لا تُدَنِّسه خُطى المُتاشَمتينْ
لَكنَّنى رَغْمَ المنيَّةِ قدْ أعودْ
عنْدَ انتصارِ الحُبِّ فى فَجْرٍ جَديدْ
فَغَدَاً سَتُرْوَى قِصَّتى فى كُلِّ واد
وغَدَاً أعودُ مُحَطِّماً كُلَّ القيودْ
وغَداً يقولونَ الفتى عَشِقَ الفتاةْ
وتعاهدا ألاَّ تُحِبَّ فَتىً سواهْ
ضَرَبَ الفتى مَثلاً لأروعِ قصةٍ
فى الحب .. فى الإخلاصِ عاشتها الحياةْ
لما تدانَتْ ليلَةَ العُرْسِ انتشى
واهتزَّ طرباً واستفاضَتْ مُقْلتاهْ
وإذا به يمشى اليها مُسْرِعاً
يا ويلتاه لِما جرى .. يا ويلتاهْ
فلقدْ تعَطَّرَ منْ أريجِ ورودِها
وتكَحَّلَتْ وتَخَضَّبَتْ هى من دِماهْ
وعلى رداء العُرْسِ يَسْقطُ مُمْسِكاً
بالوردةِ الحمراءِ بالحبِّ الشَّهيدْ
وغداً على هذى البقاعِ الدَّاميةْ
ستحلِّقُ الأطيارُ حولى باكيةْ
وستاْخذُ الأطيارُ لحناً من دمى
حتى تردد فى الفضا لَحْنَ الخلودْ
وغداً أعودْ