هو العمرُ يمضي - محمد سيد عمار

هو العمرُ يمضي
وبعضُ السنينِ تكون سراباً
إذا غربتكِ الفصولُ الحزينةْ
فكيف سيأتي الربيعُ إذا لم تجيئي ؟!
وكيف سيُزهر هذا الشجرْ ؟
وكيف يقاوم قلبي الرقيق ثلوج الشتاءِ
ولم تمنحيه غطاءً من الصوفِ
أو بعضَ الحطبْ ؟
هو العمرُ يمضي
وما زلتُ أبكي على شاطئيكِ
فلا البحرُ يحملُ صوتي إليكِ
ولا يحتويكِ البصرْ
أنا الآن مثل الغريقِ الذي لفظتهُ الشطوطْ
تُديرُ البلادُ لهُ ظهرَها
فيمضي مع الموجِ حيث البلادُ تغيبْ
وحيث الوجوهُ تغيبْ
وحيث الشطوطُ تغيبْ
وحيث تغيبين أنتِ
ويبقى الغريق غريقاً
هو العمرُ يمضي
وكلُّ السنابلِ تسقطُ قبلَ الأوانْ
فلا يحملُ الشجرُ زهراً
ولا يحملُ النخلُ تمراً
ولا يحملُ الغيمُ بعضَ المطرْ
لماذا رحلتِ ؟
وأسلمتِ للجدبِ تلكَ الحقولْ
وقلباً صغيراً تمناكِ عمراً فضلّ
هو العمرُ يمضي
وكلُّ البقاعِ التي عانقتنا ستذبلُ حزناً
وكلُّ المرافئ لن تستقبل العابرينَ
ولن تمنحَ الزائرينَ بعضَ الطعامِ
وبعضَ الوجوهِ الجميلةِ والأغنياتْ
سترحلُ كلُّ الطيورِ التي ألفتنا
لأن الجليدَ سيزحفُ شيئاً فشيئاً
ليخلفَ ذيلَ ردائِكِ فوقَ المروجْ
هو العمرُ يمضي
وأمضي
فلا يستفيقُ ولا أستفيقْ
كلانا يسابقُ طيفَ الثواني
ليمضي إلى النورِ فوق شعاعٍ من الأمنياتْ
هو العمرُ يمضي
فلا النورُ يدنو
ولا عاد في العمرْ إلا القليلْ .