حشرجات الاحتضار - محمد سيد عمار

أطلق زفيرَكَ الأخير واحترق
يا أيها الكبد المفتت بين طيات الأرق
ما عاد نزفكَ يوجع القُصّادَ
أو يبكى العذارى
ما عادت الآهات من حلقِ التوجعِ
تنبعث نارا ما عدت أنت مورَدَاً
كشفاهِ عذراءٍ
تراءت في الغسق
لا تنتظر ذاكَ الصباحَ الغضَ
يرجع من جديد
إن الأشعةَ تحتضر
والشمس تُحمل في نعوشِ الخوفِ
نحو المخدعِ الأبدي
وشعار مملكةِ الظلامِ يعود
يدمغ كلَّ شيء من جديد
فيموت حلمكَ تحت أنقاضِ
الزمانِ المحترق
قد عشت تصرخ في الرفاقِ : توحدوا
إن الظلام يجئ من خلفِ المدى
لكنهم دفنوا رؤؤسَهم العتيقةَ
في الرمالِ وكذبوك
أبصرتَ رايات الظلامِ تجئ
في ثوبِ الرياحِ فكذبوك
ورأيتَ فوق ربوعنا سحبَ الظلامِ فكذبوك
الكلّ يسجد للظلامِ ينزلق
خدعوك عمراً بالشعاراتِ المنكسةِ
التي لا ترجى عند النزال
وتبعتهم والنور يخبو بين أطيافِ الحقيقةِ والخيال
وتبعتهم فإذا النعال
تنام في أثر النعال
الكلّ في ساحِ البطولةِ كاذب
وتقول : أفلح إن صدق
ماذا تريد من الذينَ
يخبئون العارَ بين جلودِهم ؟
فتراه يظهر بين فلتاتِ اللسان
وتراه يرنو في انكساراتِ العيون
وتراه يبدو في ارتعاشاتِ القلوب
وتراه ينضح من مساماتِ العرق
إن النهارَ ينفلق
وتطلّ رايات الظلامِ الدامياتِ
من الشفق
الآن يدعوكَ الفرار لتمتطيه إلى الفرار
لكنَّ مثلكَ لا يجيد سوى البقاء
من أين ستجيد الفرار ؟
ما كنت يوماً ساقياً أو سائساً
للخيل في قصرِ الأمير
حتى بألعابِ الطفولةِ لم تمارس دورَ لص
من أين ستجدين الفرارَ وأنت لا تخشى الغرق ؟
إن الظلامَ يدق أبوابَ المدينة
وأنت تنفض ذلكَ الوخمَ الطويل
ينساب في الطرقاتِ كالسيلِ العرم
وأنت تصهر في كفوفِكِ مقبضَ السيفِ القديم
يجتاح جدرانََ البيوتِ المستكينة
وأنت تغرس جذركَ الظمآنَ في رحمِ التراب
أصبحت وحدك في مواجهةِ الظلام
كل السفائنِ والمدائنِ تحترق
والظلام يقترب ، الظلام يقترب .