الفئران - محمد سيد عمار

الليل جاء محملاً بالخوف والأحزانْ
وتسللت نحو الديار قطائع الفئرانْ
لف الظلام مدينتي لم يبق من نور سوى
في أعين الجرذانْ
الناس نامت في مهاد الخوف والموت المعلق
فوق أوردة الكلامْ
وانسابت الفئران فوق عروقنا
جاست ربوع مدينتي ... أكلت على كل الموائدِ
واستطابت لذة التاريخ في الكتب القديمة
رقصت بأبواب المدينة رقصة الموت المعربد في الدروبْ
ثم استباحت ظلمة الدور العتيقة حين كنا
نرقب الأحلام في غاباتها ، فلعلنا نصطاد حلماً
كي يطارحنا المنامْ
أكلت شهادة مولدي وهويتي
وقسيمة العرس التي
قد جاهرت بالاصفرارْ
أكلت أنامل زوجتي ، فانسابت الأنغام فوق دمائها
قرضت قصائد شعري المغزول من ألم الهوى
أو من أغاريد الصباحْ
وتسلقت وجه الرياح لتسرق البسمات من وجه الصغارْ
لتمزق الثوب المجهز للزفافْ
ذاك الذي قد عشت أحلم أن أرى فيه ابنتي
حتى المسافة بين أخر أضلعي فوق الفراشِ
وبين أول شعرةٍ في زوجتي
لم يتركوها للصُدفْ
ثم استباحوا ذلك الثوب الحريري الرقيقْ
والآن هم يسرون نحو الذاكرة
أكلوا جذور النور من خلف الأفقْ
وتدثروا بعباءة الليل الصموتْ
وتبعثروا في كل شبرٍ من ربوع مدينتي
كي يطلبوا منا بطاقات الهوية
يستوقفونا في الطريق إلى الديار
ويسألونا في ازدراء ووجهنا نحو الجدارْ
من أين أنتم ؟!