الراكعون - محمد سيد عمار

متوحدون على موائدنا المليئة بالجثث
ومشتتون على دروب
الخزي والزمن الرديء
متجمعون على رغيفٍ من خشبْ
متفرقون على رصيف
الحزن والموت البطيء
يا أيها الصمت المعتق في العروقْ
من علم الفرسان أصوات الخرسْ ؟!
من علم الطير المهاجر
أن يغادر ريشه عند الحدود ؟!
يا أيها الحلم المكَّفن من زمنْ
من علّم الأموات أن يتوجعوا ؟!
من علّم الأحياء أن الحلم أخره انتحارْ ؟!
يا أيها الوجه المعَّفر بالدماء
من علّم الأطفال أن يلقوا البراءة
تحت أقدام اللصوصْ ؟!
من علّم الضعفاء أن يتبادلوا
أشلاء وجهٍ مستعار ؟!
يا أيها الوطن المرابض تحت أقدام الوثنْ
من علّم الناس الركوع ؟!
من شال قبلتهم وأبدلها بأبواب القصورْ ؟!
للربّ صمت الصامتينْ
للرب حلم الحالمينْ
للرب وجه الراكعين
والحكم لْه ، والأمْر له
سبحان من أسرى بنا نقتات مما يلفظون
ونرتدي ثوب العراء
ونستظل بما تبقى من غمامات اللهبْ
سبحان من نزع الغضبْ
سبحان من وضع البلاهة في صدور الغافلين
فأسلموا للريح أحلام الصبا
سبحان من وضع القلمْ
كي يسطر الفقراء من آلامهم ما يشتهونْ
سبحان من كسر القلمْ
من علّم الموت النفور من الضحايا الأبرياء
من قال كنْ
فإذا الديار مآتمٌ ، وإذا النساء أراملٌ
وإذا الجواري قد ملأن الدور من كل الصنوف
والربُّ يحمل بين كفيه الذهب
الرب يشحذ سيفه والناس تنتظر الطلبْ
متجمعون على رغيفٍ من خشبْ
متفرقون على متاهات التعبْ
ومصدقون لكل ما يتقَّولون
جلَّ الطغاةُ عن الكذبْ .