المعادل الموضوعي للفرح - محمد قرنه

الفتى لَم يعرفِ الحرمان إلا مرتيْنْ
في المرة الأولى رأى حلوى النهار تطل في عتماتِهِ
فانهار حين أذابَ ما تحويه من ضوءٍ بطعم السُّكر
احتدم السوادُ عليه فاحتدمَ الفتى
وأضاء عينيه اللتين تحبذان النورَ
في رحم المساء كشعلتيْنْ
في المرة الأخرى بكى..
هو لم يكنْ يرتاح للأسفلت
أو يحتاج أكثر من نزيف جروحِهِ
عند انفلات الماء من لغة التماسك
كي يقول: المجدُ الأنوار
حين تطلُّ من فوق اليدين كوردتيْنْ
والورد أبعدُ ما يكون عن الفتى العصبيِّ
يعرف حزنه وبريقه لكنه ينساه في الضوضاء
يذكر أنه بالأمس صادف وردةً
فارتاح بعض الشيء
ثم تقطَّعَتْ صلةُ القرابة
حين أقحمها الجمال بكل عيْنْ
حمراءَ كانت غابةُ الولد
اشتهاء الماء أورثه الجنونَ
فصار يخلط دمعه بدماه
يعرف أنه سيعود صوب صباه
عند كهولةٍ أخرى
ليبحث عن شبابٍ لم يكنْهُ
وكي يسائله الفؤادُ
العمر أيْنْ ؟
في الغابة الحمراء
يبحث عن غزالٍ شارد
أو كان يبحث
فالفتى لم يعرف الأفراح إلا
قبل أن يتمكَّنَ الحرمانُ منها
والفتى لم يعرف الأفراح إلا مرتيْنْ