غربتي والموت - محمد مهران السيد

كأنَّكِ القدر
كأنكِ الظلالُ.. لا تفارقُ البشر
وذلك النَّاقوسُ.. في المساء
إن دقَّ.. غرّد القمر!!
فكلَّما ابتعدتُ عنكِ..ساعةً.. رجعتُ
رجعتُ أستظلُّ، أرتوي.. ولائِذاً بِصُحْبتِكْ
وحين يَرْتَخي على أريكتك
جسْمي الذي أَتْلفهُ الضَّياعُ، والحنين للمطر
أحسنُّ بالأمان، والرِّضا، ومنعة الثراء
حولي بغرفتِكْ
أحيا ولا أعيشُ أيَّامي.. وأنتظر
وحينما أكونُ بينهمْ.. أغوصُ في الضَّجرْ
ويَسْمُـكُ الجدارُ بيننا، ويَرْتَفعْ
وكلما رأيتُ خيطاً من خيوطِ الحَبْلِ.. ينقطعْ
أدركتُ من فَوري لمَ الإنسانُ - أيّاً كان - ينتحر !
في سالفِ الأيامِ كم صنعتُ قارباً وراء قاربٍ..
من الورقْ
وكم نقشتُ أَوَّلَ الحروف من إسمي عليه
وكنت كلّما رأيتُ واحداً منها.. مع التَّيارِ ينزلق
فرِحْت !
سيَّان عامَ.. أو غَرق
ولم أكنْ أسألُ.. أيَّ واحدٍ على الطَّريق
لِمَ الزوارقُ الصِّغار
والجارياتُ في البحارْ
تدورُ دورتَينِ.. حَوْل نَفسها.. وفجأةً تغوصُ
ولم تزلْ جديدةَ الطِّلاءْ !
وقبل أن تُغادِرَ الميناءْ !
وها أنا على مَشارفِ الخريفِ.. قَدْ وقفت
ولم يَزَلْ عمري - برغْمِ الشيب - ساعه
ولم أَسِرْ في الأرضِ.. إلاَّ خُطْوتيْن !
ولم أَذُقْ بعد حلاوة الهَوى.. برغِم ما أصَبْت
ولم أعِ الحروفَ كلَّها
ولم تزل نفْسي غريبةً - كهذا البحر - عنِّي
وكل ما جمعت
ذراتُ رملٍ، أفلتت.. في اللَّيْل منِّي
وعارياً أعودُ مثلما.. وُلِدْت
قُدِّرَ لي.. في الأربعين.. أن أُحِسَّهُ بجانبي
وأن أراهُ في عيونِ من أحبْ
وينزع القناع عن.. عُريي
وأن تقولَ لحظةُ انْتصارِه.. بأنني جبنت
.. وأنَّني هُزِمْت.