موسيقى من الله - محمود حسن إسماعيل

وهناك عند الفجْر ِ في إشراقٍة كلظىَ الهجـِيرْ
وعلى خـُطى قمرّية الإيماض
يسْفح نُورها كذب الصخور
روض رحيب ، أجهشت فيه الزهور
وتكلمت بعطوره لغةُ الطيور
وتأوهت ريحُ مُجنحةُ المسير ، على مخاصرهِ تدور
وترنّمت ورقاء صاليةُ الشعور
معشوقتى وعشيقةُ النغم المصفدِ فى الوُكورْ
وذبيحتي ، وأنا الذبيحُ ، وجازرُ الرؤيـا أسير
مُتلفعُُُ تحت العروق ، بمهده الثمل ِ الوثيرْ
في كفه نهرُ الحياِة ،لهيبهُ قلقُ مرير
وعلى شواطئه هتافٌ لجّّّّّّّّ في ندم ٍ غرير
وصراعة بلهاء تصرخُ وهي هالعةُ النفير
وخطيئة تلدُ الحياةَ ،ومهدها يلدُ الدثُـور
وصدى يغردُ نائحا ً ، وبدمعه يلغو السّرور
وغمامة عرجاء دوخها المسيرْ
آناً تسير وآنة ً تبكى المصير
والأفق مصلوب كسير
شحَنَتهُ أوهام العصورْ
ومسابحُ النساكِ وهى على مزالقها تدور
الكفُ مؤمنة ، وظلُ الكفّ مشنقةُ الضمير
وتمائمُ المتبتلينَ كأنها حرجُ الغواية في الصدور
مسكينة الأصداء تلعقُ في المداهنِ والبخور
وتئنّ في حباتها الدعواتُ،
جائعة الهدى لزجاج كوبٍ أو حصير
متلمّظات للورود ،
على هوادج أخجلت خشب النذورْ
يتلفت الأزواد ، من عبقِ تناسم بالشرور
والنور ، من حلك تناغم في الجذور
والُطهر، منِ شطحات أوهام وزور
وتعانق القُدّّْسَ المنيع ، كأنما سكن السّتور
بفهيق راغية محبّرة على زبد الثغور
ونفيق غاوية مبعثرة على خبل ٍ حسير
متُخالج اللمحات .. أعمى دُس في ألق ضرير
طحنتهُ سُنبلةُ السيادة بالقشور
والرزق ، والعوز المخدر بالسكينة والحبور
ولواه جلابُ المطايا للغرور
ومضفر الأصلاب أعتابا مطهمة الظهور
أقواسها تئد السهامَ ، وتنشب العشب الحقير
وتحيلُ هشّ الوارفين ، مشاتلا لرُبى القصور
وعلى خضوع الهائمين بكفها تعلى الجسور
وتدور تطحنُ في غيابتها ، فتطحنُ أو تدور!
سبحان وهاب الظلام لمن يريد بصيص نور
سحبوا من الأكفانِ قدرته ، ولجوا في الثبور
وتأوّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّدوا خبباٍ ، وتهتهة ، وليًّا للصدور
في حومة لاالسماء ، ولا التراب
لدفّها نسبٌ ُيشير
زعموا لقاء الله وحدهمو ، وجلّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ
فنوره غمر الدهور
في الحب ،
في الأمل المحلّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّق ،
في الأجنّة ،في البذور
في الريح ،
في النسيم المرنح ،
في العشايا والبكور
في الطيف ،
تلمحهُ ظلالُُ ظلاِِِِِِِِِِِِِلهِ فوق الغَديـر
في السّفح ،
في ضجر المغاور ،
في البرازخ ، في البخور
في كُلّ راقئ دمعة من جفن مظلوم فقير
فى كل كاسر حلْقّة ، من قيد مهجور أسير
في كل رافض لُقمةٍ ، لليل ، جالبها أسير
في كل واهب روحه غوث التراب المستجيرْ
في كل ذات حركت عدمَ الفراغ إلى الصريرْ
في خطوة القدم الذى هتك البراقع عن دجى القمر المنير
وحدَا السّديم ، وشق بين يديه أسرار الأثير
ومشي على الأجيال ، يسحق جهل عالمهاالضّرير
ويزيحُ ستر الغفل عن إعجاز خالقه القديـر
الدروب ضوّأ للسُراة
حقيقة ، وحصادَ ُنورْ
وهوى الدُجى ،
وتمزقت حجُب الرياء على الحضورْْْْْْ
فالله يصحب كُلّ من صحِبَ النهار...
ومال عن غبشِ الستورْ
_____________
القصيدة كتبها كمخطوطة فى حياته ولم يمهله الأجل طباعتها
وعقب وفاته تولت ابنته(سلوان) الطبع و
ديوان ( موسيقى من السر ) والذى صدر فى الذكرى الأولى لرحيله
ليضاف لدواوينه متضمنا قصيدة "موسيقى من الله"