المستجيرة - محمود حسن إسماعيل

(وتنكرت فى ذاتى، فقدمت لى الرحيق لتروى ظمأها من عذابى...
ثم جـاءت تســتجير)*
وقالت : أجرنى !
فقلت: اخسئـى
فمن غير رب السماء المجير !
تعاميت .. حتى ركبت الظلام
على هودج من ضباب الغرور
جناحاه من شهوات الحياة
***
ومن يأسها فى لقاء المصير
هوى بـك فى قاع ليل بهيم
تدورين فــيـه بخطو الضرير
دعينى ..فمالى يد فى أساك !
ولا عبرت فى طريقى خطاك
تنكرت .. حتى وهى ساعداك
فأقبلت،نادمة تستجير
***
تنكرت فى ..وصورتنى
لوجه الحياة كما تشتهين
ففى الروض ،كنت نديم الربى
وأنت التى بالشذى تسكرين !
تقولين:هذا ربيع الجمال
فأظما .. وأنت التى تشربين !
وأسرى بدرب الحياة العميق
***
فأرنو ..وأنت تعبرين !
أنادى .. وللسر يمضى صداك
وأشدو ..وبالسحر يحظى غناك
وأشقى ..وما كان الا شقاك
وأدعو ..وما كان الا دعاك
يداى الى الله مبسوطة
وأنت التى طيها تضرعين !!
***
لبست بى الشبح المستعار
وزورتنى بين زور الحياة
وأبكى بدمعك ..لكننى
أرى لك سخرية من أساه
تلثمت بى فى هدوء الظلام
وفى الهول ألقيتنى فى دجاه
وجئت تنادين غوث الهلاك
وممن ؟ من المشتكى من لظاك !
وممن غدا رزؤه من نداك !
وممن غدا دعوة فى سماك
مضيعة أرجعتها الغيوب
الى صدرها من طريق الاله !!
***
دخلت بى الحان فى مرة
وكان اتجاهى الى المعبد
وكان صلاتى قبل الصلاة
مزمير علوية المورد
فخطفتها من دمى للحريق
وقلت لى :اليوم قبل الغد !
اذا كنت للنور صب الحنين
فقرب شفاهك من موقدى
..وقربت :حتى طوانى هواك
وذوبتنى قطرة فى صفاك
ولما انتهى السر .. طارت خطاك
وأومت لسر بعيد عصاك..
فوليت وجهى الى سحره
كأنى مصلٍ بلا مسجدا !
فلاحت لقلبى سفوح وضاء
وروض عرفناه منذ الازل
أزاهيره مؤمنات العبير
وأطياره قانتات الزجل
وأنهاره من ضفاف المتاب
تحدرن بالندم المشتعل
فألقيت عمرى بأعتابه
وناديت حتى تلاشى الأمل
وأومأت شوقا لعلى أراك
لعلى أرى شافعا من لقاك
لعلى ..بقبضة نور يداك
تضئ السبيل !! فصدت سماك
وخلفتنى فى الفلا استجير
وأزمعت بين ربيع وظل !!