تَرَنَّمْ بِأَشْعَارِي، وَدَعْ كُلَّ مَنْطِقِ - محمود سامي البارودي

تَرَنَّمْ بِأَشْعَارِي، وَدَعْ كُلَّ مَنْطِقِ
فَمَا بَعْدَ قَوْلِي مِنْ بَلاَغٍ لِمُفْلِقِ

هُوَ الْعَسَلُ الْمَاذِيُّ طَوْراً، وَتَارَة ً
يَثورُ الشَجا مِنهُ مَكانَ المُخَنَّقِ

يُغنِّى بهِ شادٍ ، ويَحدو رِكابهُ
بهِ كلُّ حادٍ بينَ بيداءَ سَملَقِ

فَطَوْراً تَرَاهُ زَهْرَة ً بَيْنَ مجْلِسٍ
وَطَوْراً تَرَاهُ لَهْذَماً بَيْنَ فَيْلَقِ

وَمَا كَلَفِي بِالشِّعْرِ إِلاَّ لأَنَّهُ
مَنارٌ لِسارٍ ، أو نَكالٌ لأِحمَقِ

عَلِقتُ بهِ طِفلاً ، وشِبتُ ولَم يَزَلْ
شَدِيداً بِأَهْدَابِ الْكَلاَمِ تَعَلُّقِي

إِذَا قُلْتُ بَيْتاً سَارَ فِي الدَّهْرِ ذِكْرُهُ
مَسِيرَ الْحَيَا مَا بَيْنَ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ

يَهِيمُ بِهِ رَبُّ الْحُسَامِ حَمَاسَة ً
وَتَلْهُو بِهِ ذَاتُ الْوِشَاحِ الْمُنَمَّقِ

بَلَغْتُ بِشِعْرِي مَا أَرَدْتُ، فَلَمْ أَدَعْ
بَدَائعَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ

فَهَذَا نَمِيرُ الشِّعْرِ، فَاقْصِدْ حِيَاضَهُ
لِتروَى ، وهَذا مُرتَقَى الفضلِ فارتَقِ